[center]صريعَ الهوى،غَرَّتْكَ، وهي غَرورُ
رَمَتْكَ ابنةٌ للدهر في طَرْفِها[2] الردى
مربَّبَةٌ [3] في المِسْكِ والماسِ .. فِتْنةً
إذا أَقبلتْ أنْسَتْ أخا الُّلبِّ لُبَّهُ
عَروسٌ .. بلا قَلْب، يُطيفُ بها الورى
ولولا الهوى لم يَهْوِ في النارِ مَنْ هَوى
لها شَرَكٌ مَنْ يَنْجُ منه فقد نجا
تُغيرُ وتَمْضي كالخيالِ .. وخَلْفَها
عشاءً، ضُحىً، والليلُ داجٍ،ومُقْمِرٌ
فيالكِ رُكبانا على البيدِ[4] كالقَطا
أطارتْ رُماةَ الدَّهرِ قوسٌ قديمةٌ
فكنْ واحدَ الدُّنيا فأنتَ وُريْقَةٌ
لَقَى[5] كلِّ ريحٍ في قفارٍ مخوفةٍ
إلهكَ (ليلى) ما لنا فيكَ حِيْلَةٌ
ذلَلْتَ فعزَّتْ واستَقَدَّتْ[6]فقَيَّدَتْ
قَعَدْتَ وجَدَّ الطيِّبونَ إلى الحمى[7]
ولو حدَّقتْ عيناكَ حولكَ لحظةً
فيا عَجَباً أَدْبَرْتَ والدَّهرُ قُلَّبٌ[8]
أما كنتَ إذ ألقى "ألسْتُ بربِّكم"
فقُلنا: "بلى" قال: "المَواثيقُ بَيْنَنا"
فَصَمْتَ عُراها يا خؤونُ ولم تزلْ
ورِثتَ تُراثاً لَسْتَ تَعْرِفُ قَدْره
فَسَقْياً لِعَهْدٍ بالدِّيارِ إذِ الحصى
قرونٌ خَلَتْ كانتْ لُباباً قُشورُها
وذُرِّيةٌ كالذَّرِّ .. قَدْراً وقُدرة
إذا مَجَّها التَّيَّارُ ظلَّتْ نِفايةً
وغابٍ[9] من الأقلامِ لا درَّ درُّها
تَعَهَّدَها إبليسُ حتى تَهَوَّدتْ
أكلُّ أبي جَهْلٍ لديكمْ مؤلَّةٌ
تصوغون عارَ الدهرِ تيجانَ عَسْجَدٍ[10]
تعفَّنَ وجْهُ الأرضِ حتىتَسمَّمَ الـ
وإعصارُ جنكيزٍ يُدَوّي .. وبَحْرُهُ
هي الحربُ في كلِّ المياديْنِ .. خَلْفَها
هي الحرب فانظرْ هل هناك بقيَّةٌ
يُديْرُ رحاها ألفُ كِسرى وقيصرٍ
أعزُّ ضحاياها القلوبُ ... تخالُها
لكَ اللهُ يا أقصى تقنَّعْتَ[11] باكياً
بكيتَ وأيدي الجاهلياتِ تلتقي
فأخزاك ربي يا غثاءُ ألا تَرى
ملايينُ .. يا ليت الملايينَ لم تكُنْ
وسِرْبٍ من الإنْسِ السَّماواتُ تَحْتَهُ
رَبيبُ المقاديرِ الأعزُّ كأنَّه
على لَهَبِ المأسَاةِ أُحكمَ صَقْلهُ
يَرُوعُ حَيَيَّاً طيفُهُ وكلَّ ليلةٍ:
غداً يأخذ الإسلام مجراه عَنْوَةً[12]
وعُمْرُك طَيْرٌ مِنْ يَدَيْكَ يَطيرُ
تناذَرها الرُّكّبانُ .. وهي نذيرُ
شُموسُ ضُحىً في ثوبها .. وبُدور
وَهانَعليهِ الرِّقُّ .. وهو أمِيْرُ
لها مِن سُويداءِ القلوبِستورُ
ولا عَقَرَتْ أهْلَ الحُلومِ عَقُورُ
حبائله كالسَّيْفِ وهي حريرُ
دماءٌ، ودمْعٌ[13] واكِفٌ ..وقُبورُ
أَصيلاََ ،سُحَيْراً، والبلادُ حرورُ
وفوقَكِ عِقْبانٌ عَتَتْ ونُسورُ !
ورامٍ بحبّاتِ القُلوبِ خبيرُ
على طُرُقِ الرُّكبانِ مِنْكَ كثيرُ
لَهُنَّ عُواءٌ تارةً وصَفيرُ
عليها قَصَرْتَ العُمْرَ وهو قصيرُ
فأنتَ بأغلالِ الحديدِ جديرُ
ولذَّ لكَ الخُطبانُ[14] وهو مَريْرُ
رأيتَ الرَّحى السَّوداء[15] وهي تدورُ
وللهِ في الدُّنيا صَباً ودَبورُ[16]
علينا، وللأقلام ثَمَّ صريرُ؟
وأنتَ سميعٌ يومذاك بصيرُ
عليكَ شهودٌ منكَ فِيكَ حُضورُ
وأُلبِسْتَ تاجاً أنتَ عنه صغيرُ
قَنَاديلُ في جوفِ الظَّلامِ تُنِيرُ
وفيقَرْنِنا هذا اللُّبابُ قُشورُ
على ظَهْرِ سَيْلٍ حيثُ سارَ تَسِيْرُ
وما لنفاياتِ السُّيولِ شُعورُ
لديْها من السُّمِّ الزُّعافِ[17] بُحورُ
وعَلَّمَها الملعونُ كيفَ تُغيرُ
وأنتمْ قرابينٌ له وبَخور؟
وكُلٌّ يولّي، والحسابُ عَسيرُ
ـجَنَى[18] .. وتعادتْ أفْرُعٌ وجذورُ
رُعودٌ .. وليلٌ عاصِفٌ .. وهَديرُ
مَراجِلُ[19] قارٍ في الصدورِ .. تفورُ
من الدَّار ؟وانظرْ هل هناك ثُغور؟
وأَلْفُ حُيَيٍّ[20] للمديرِ مديْرُ
خرائبَ بُصرى .. لَيْلُهنَّ دُهورُ
وكلُّ صناديدِ الرِّجالِ أسِيْرُ
عليكَ، وعِجْلُ السَّامريِّ يخُورُ
إلى أيِّ دَرْكٍ في الوجولِ تَغور؟
ويا ليتَ أرضَ الجاهليَّةِ بُورُ
ووِجْهَتُه عَرْشُ المليكِ ... يزورُ
مِن القُرْبِ والحُبِّ المقدَّسِ نورُ
فليسَ له في العالمينَ نظيرُ
إذا جاءَ يومي لا تَقِيْكَ جُحورُ
ويُعْتَقُ أقنانٌ[21] ويُحْرَق نِيْرُ[22[/center]]
--------------------------------------------------------------------------------
[1]نشرت القصيدة في مجلة المجتمع الكويتية بتاريخ 5-5- 1396هـ الأشقر
[2]عينها.
[3]من التربية التنشئة.
[4]واكف: سائل.
[5]الصحارى.
[6]الشيء المطروح.
[7]استسلمت.
[8]المقصود هنا الجنة.
[9]جمع غابة.
[10]الذهب.
[11]غطيت وجهك.
[12]قهراً.
[13] الحنظل المخطط.
[14]الموت.
[15]منقلب
[16]الريح الغربية الشديدة.
[17]القاتل.
[18]الثمر.
[19]قدور.
[20]حيي بن أخطب وهو هنا رمز لليهود.
[21]عبيد.
[22]الخشبة التي على أعناق البهائم للحرث.
الجمعة 11 يونيو 2010, 8:27 pm