منتدى نور المهدى فلسطين
السلام عليكم
أهلا بك معنا زائرنا الكريم
فلسطين فى القلب
والأقصى فى عيوننا
منتدى نور المهدى فلسطين
السلام عليكم
أهلا بك معنا زائرنا الكريم
فلسطين فى القلب
والأقصى فى عيوننا
منتدى نور المهدى فلسطين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى نور المهدى فلسطين

منتدى فلسطينى عربى إسلامى يهتم بالقضية الفلسطينية والشؤون العربية والاسلامية
 
الرئيسيةالتسجيلدخولأحدث الصور

 

 المنهج النبوي في معالجة الفتن

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
عاشقة فلسطین

عاشقة فلسطین


عدد المساهمات : 734
تاريخ التسجيل : 30/05/2010
العمر : 43
الموقع : کل بلاد الاسلامیه موطنی و فلسطین فی قلبی

المنهج النبوي في معالجة الفتن  Empty
مُساهمةموضوع: المنهج النبوي في معالجة الفتن    المنهج النبوي في معالجة الفتن  Emptyالجمعة 17 سبتمبر 2010, 11:51 am




السلام علیکم و رحمه الله

مقدمة
إن هذا البحث تمليه ظروف وأحداث تمرّ بها الأمة العربية والإسلامية حيث يخطط الأعداء للنيل من وحدة أبناء الأمة، وقوتهم واستقرارهم، بزرع الفتن والشقاق، ونشر التنازع والإقتتال، ولا يخفى على الغيور على دينه ومجتمعه أن قوى الإستعمار والإحتلال والغطرسة الصهيوأمريكية تعمل تحت عناوين: "العولمة" و "الشرق الأوسط الجديد أو الكبير" و "حرية الأقليات" و "الحريات الدينية"؛
ولكن هذه العناوين جميعاً تعمل لمقصد واحد هو تفتيت المسلمين وأوطانهم إلى كيانات طائفية ومذهبية وعرقية يتمكنون من السيطرة عليها.

ويهدف البحث إلى الوقوف على الأسلوب النبوي في معالجة الفتن ووأدها ليكون ذلك عملاً يؤصل لمنهج نحتاجه في أيامنا هذه.
الفتنة شر والوحدة رحمة
إن الله سبحانه وتعالى أمر المؤمنين بالوحدة والأخوة والتآلف لأن ذلك رحمة تصون المجتمع، وتقوي أواصره، وتحقق استقراره، وبالمقابل فقد نهى الله تعالى عن الفتنة، ونبه من مخاطرها وشرورها. فالفتنة في النص القرآني مذمومة، وشرها مستطير، وقد قال الله تعالى: "والفتنة أشد من القتل"



[1] وفي آية أخرى: "والفتنة أكبر من القتل."[2]، وفي آية قوله تعالى: "واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب."[3]
والفتنة لغة عند ابن منظور: "جِماعُ معنى الفتنة الابتلاء والإمتحان والإختبار، وأصلها مأخوذ من قولك، فتنت الفضة أو الذهب إذا أذبتها بالنار لتميز الرديء من الجيّد، وفي الصحاح: إذا أدخلته النار لتنظر ما جودته...... والفتن: الإحراق. ويسمّى الصائغ: الفتّان، وكذلك الشيطان، ومن هذا قيل للحجارة السّود التي كأنها أحرقت بالنار: الفتين......... ابن الأعرابي: الفِتنة: الإختبار، والفتنة: المحنة، والفتنة: المال، والفتنة: الأولاد، والفتنة: الكفر، والفتنة: اختلاف الناس بالآراء، والفتنة: الإحراق بالنار؛ وقيل: الفتنة في التأويل الظلم."[4]
إن وحدة الأمة موقفاً وصفاً ومساراً حضارياً يولد القدرة على الإنجاز وصون الدين والأرض والمقدسات والحقوق والكرامات، أما الفرقة التي تؤدي إليها الفتنة فهي التي تُذهِب الريح والقوة، وتجلب الخذلان والخواء والذلّة، والكل معرّض للإختبار فمن تأصل يقينه ورسخ إيمانه يفوز، ومن اخترق الشيطان الفاتن قلبه وفكره أودى به ذلك إلى شرور شررها يتطاير فيحرقه مع من حوله.

الفتنة ووأدها في المنهج النبوي
لقد حذر رسول الله (ص) وآله وصحبه من الفتنة لأنها تهدد المجتمع بوحدته واستقراره، وتراحم أهله وتوادّهم، ولأن فعلها أكبر من القتل والسلاح.
وقد وردت أحاديث[5] عديدة في ذم الفتنة والنهي منها: "إيّاكم والفتن فإن اللسان فيها كوقع السيف" (أخرجه ابن ماجه في السنن)، وأخرج ابو داود حديثاً نصه: "ستكون فتن صمّاء، بكماء، عمياء، اللسان فيها كوقع السيف." وأخرج ابو داود كذلك: "ستكون فتنة تستنظف العرب[6] قتلاها في النار، اللسان فيها أشدّ من وقع السيف."
هذا التحذير من الفتن جاء يبيّن مخاطر الفتنة، وأن أثرها على المجتمع والفرد أكثر إيلاماً من وقع السيف القاطع، وأن الفتنة صماء بكماء وعمياء؛ أي أنها ظلمة وجهل لأن الفتنة لا تكون مع الوعي والحكمة. والفتنة تشمل بخطرها كل أهل المجتمع، وتؤدي إلى هلاكهم (تستنظف العرب)، وهذا ما لفتت إليه الآية الكريمة: "واتقوا فتنة لا تصيبنّ الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب."[7]
إن الفتن تهدد المجتمع بأكمله، وهي كَكُرة اللهب إذا تدحرجت لا تبقي ولا تذر، وهذا الويل الذي تجرّه يوجه إلى ضرورة المعالجة بالسرعة الكافية لأن التباطؤ في وأد الفتنة ينذر بشرور داهمة.
لقد مارس رسول الله(ص) في معالجة الفتن أساليب تحدد المنهج النبوي في مثل هذه المواقف. والبحث سيعرض واقعتين حصلتا في العهد النبوي تبرزان كيف يسعى بالفتنة بين المؤمنين نوعان: عدو من خارج المجتمع أو منافق من داخل المجتمع.
الواقعة الأولى هي من عدو خارجي هو شاس بن قيس اليهودي من يهود المدينة المنورة، أراد أن يزرع فتنة بين قبيلتي الأوس والخزرج - أهل المدينة - عندما وجد أن القبيلتين قد ألّف الله تعالى بين قلوب أبنائهم، وأصبحوا بنعمة الله تعالى أخواناً. والواقعة أن شاس بن قيس أرسل - وهو حاخام - معاوناً له ليجالسهم ويذكّرهم بما كانوا عليه من الإقتتال والعصبية في الحقبة الجاهلية قبل الإسلام بغرض تجديد التنازع. "عن عكرمة وابن زيد وابن عباس: الذي فعل ذلك شاس بن قيس اليهودي، دسّ على الأوس والخزرج من يذكّرهم ما كان بينهم من الحروب، وأن النبي (ص) أتاهم وذكّرهم، فعرف القوم أنها نزعة من الشيطان، وكيدٌ من عدوّهم، فألقوا السلاح من أيديهم وبكوا، وعانق بعضهم بعضاً، ثمّ انصرفوا مع النبي (ص) سامعين مطيعين."[8]
وقد نزل في ذلك قول الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقاً من الذين أوتوا الكتاب يردّوكم بعد إيمانكم كافرين."[9]
إن شاس بن قيس من قبيل من الناس تترسخ العنصرية في فكره ومشاعره، وممن يدّعون أنهم الشعب المختار لذلك كانوا ولا يزالون من عشاق الحروب، والقتل يغيظهم أن يكون المجتمع مستقراً، وأن يعيش الناس بسلام وأمان. هذا ما تشهده الأمم في يومنا هذا حيث تطرح القيادات الأمريكية المتصهينة في واشنطن ما يعرف بالفوضى الخلاقة، وهم لهذه الغاية يوظفون الطاقات لإثارة الفتن بمختلف ألوانها وأنواعها عرقياً وطائفياً ومذهبياً وسياسياً، لأنهم يجدون سعادتهم في رؤية سواهم يقتتل، والدماء تراق وهذا يذكرنا كيف أن شاس بن قيس قد تجددت شخصيته في كثيرين من ملتزمي المشروع الصهيوأمريكي، وقد أدت فتنهم إلى ما وقع أو يعملون لحصوله في بعض المواقع والمناطق.
ومعالجة فتنهم لا تكون بغير الإيمان بلا تعصّب، الإيمان العاصم من الشرور، ففي سماحة الدين والرحمة والحب الدواء الناجع الذي يطفئ فتنهم وحروبهم، والذي ينشر الفضيلة التي تعطل مفاعيل مفاسدهم. قال الله تعالى عن يهود: "كلّما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فساداً والله لا يحب المفسدين."[10]
كما فعل شاس بن قيس الحاخام اليهودي في المدينة حيث سعى مع أحد أتباعه لفتنة تبعث اقتتالاً بين الأوس والخزرج، كذلك ديدن هذه الفئة الباغية من الناس فهي تعمل دوماً بالإتجاه نفسه، وهو ما نراه هذه الأيام. وإذا كان الرسول قد نهض بسرعة لمنع الإقتتال ولوأد الفتنة، واستخدم الخطاب التذكيري كذلك الواجب –اليوم- يفرض على علماء الأمة، وأهل الرأي أن يقتدوا برسول الله فيهبوا على قلب رجل واحد لنشر روح التآخي بين المسلمين جميعاً ولنزع فتيل الفتنة الذي يؤججه الصهيوأمريكي، وبعض الغلاة والملتزمين نهج التعصب والفئوية لأن الوحدة مقصد شرعي، وأساس إسلامي، وضرورة دينية ووطنية في كل بلد ومصر.
فالإسلام ألف بين القلوب ورسول الإسلام عالج فتنة أُثيرت، ويهودي هو شاس بن قيس بعث فتنة؛ هذه معادلة ما حصل في العهد النبوي كما أوردها الطبري في تفسيره: "كان جماع قبائل الأنصار بطنين: الأوس والخزرج، وكان بينهما في الجاهلية حرب ودماء وشنآن (بغضاء)، حتى منّ الله عليهم بالإسلام وبالنبي (ص) فأطفأ الله الحرب التي كانت بينهم، وألف بينهم بالإسلام قال: فبينما رجل من الأوس ورجل من الخزرج قاعدان يتحدثان، ومعهما يهودي جالس، فلم يزل يذكرهما أيامهما (حروبهما) والعداوة التي كانت بينهم، حتى استبّا، ثم اقتتلا. قال: فنادى هذا قومه، وهذا قومه، فخرجوا بالسلاح، وصفّ بعضهم لبعض. قال: ورسول الله (ص) شاهد يومئذ بالمدينة، فجاء رسول الله (ص) ، فلم يزل يمشي بينهم إلى هؤلاء وإلى هؤلاء ليسكنهم، حتى رجعوا ووضعوا السلاح."[11]
فهل سيمشي العلماء الغيارى من أهل الأمة على أساس أن الإسلام يقوم على قاعدة: "عقيدة التوحيد، وتوحيد الكلمة". هل سيمشون دعاة هداة إلى هؤلاء وهؤلاء كي يمنعوا دسائس الصهيوأمريكي؟.
واقعة أخرى كادت أن تحدث فتنة لكن هذه المرة كان وراءها منافق من داخل الصفوف هو عبد الله بن أبيّ بن سلول. الواقعة كانت يوم غزوة بني المصطلق من خزاعة التي حصلت في شهر شعبان من العام الخامس أو السادس للهجرة، ونترك للطبري لينقل وقائع ما حصل: "قالوا: بلغ رسول الله (ص) أن بني المصطلق يجتمعون له، الحارث بن أبي ضرار، ......... فلما سمع بهم رسول الله (ص) خرج إليهم حتى لقيهم على ماء من مياههم، يقال له: المريسيع[12]، من ناحية قُديد[13] إلى الساحل، فتزاحف الناس واقتتلوا قتالاً شديداً، فهزم الله بني المصطلق، وقُتِل من قُتِل منهم. ....... فبينما الناس على ذلك الماء وردت واردة الناس، ومع عمر بن الخطاب أجير له من بني غفار يقال له: جهجاه بن سعيد، يقود له فرسه، فازدحم جهجاه وسِنان الجهني حليف بني عوف بن الخزرج على الماء، فاقتتلا، فصرخ الجهني: يا معشر الأنصار، وصرخ جهجاه: يا معشر المهاجرين، فغضب عبدالله بن أبي بن سلول، وعنده رهط من قومه، فيهم زيد بن أرقم غلام حديث السنّ، فقال: أقد فعلوها، قد نافرونا وكاثرونا في بلادنا، والله ما عَدَوْنا وجلابيب قريش ما قال القائل: سمّن كلبك يأكلك؛ أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذل.
ثم أقبل على من حضره من قومه، فقال: هذا ما فعلتم بأنفسكم، أحللتموهم بلادكم، وقاسمتموهم أموالكم، أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديهم لتحولوا إلى غير بلادكم.
فسمع ذلك زيد بن أرقم، فمشى به إلى رسول الله (ص)، وذلك عند فراغ رسول الله (ص) من عدوّه. فأخبره الخبر وعنده عمر بن الخطاب، فقال: مُرْ به عبّاد بن بشر بن وَقَشْ فليقتله، فقال رسول الله (ص): فكيف يا عمر إذا تحدث الناس: أن محمداً يقتل أصحابه؟. لا، ولكن أذّن بالرحيل.... وذلك في ساعة لم يكن رسول الله (ص) يرتحل فيها..... فارتحل الناس، وقد مشى عبدالله بن أبيّ بن سلول إلى رسول الله (ص) حين بلغه أن زيد بن أرقم قد بلّغه ما سمع منه. فحلف بالله: ما قلت ما قال، ولا تكلمت به – وكان عبدالله بن أبيّ في قومه شريفاً عظيماً – فقال من حضر رسول الله (ص) من أصحابه من الأنصار: يا رسول الله، عسى أن يكون الغلام أوهم في حديثه ولم يحفظ ما قال الرجل حدباً على عبدالله بن أبيّ ودفعاً عنه.
فلما استقل رسول الله (ص) وسار، لقيه أسَيد بن حُضير، فحياه تحية النبوة، وسلّم عليه، ثم قال: يا رسول الله، لقد رُحْتُ في ساعة منكرة ما كنت تروح فيها، فقال له رسول الله (ص): أَوَ ما بلغك ما قال صاحبكم؟ قال: وأيّ صاحب يا رسول الله؟ قال: عبد الله بن أبيّ، قال: وما قال؟ قال: زعم أنه إن رجع إلى المدينة أخرج الأعزّ منها الأذلّ، قال أسيد: فأنت والله يا رسول الله تخرجه إن شئت، هو والله الذليل وأنت العزيز. ثمّ قال: يا رسول الله، ارفُقْ به فوالله لقد جاء الله بك، وإن قومه لينظمون له الخرز ليتوجوه؛ فإنه ليرى أنك قد استلبته ملكاً."[14]
"بلغ عبدالله بن عبدالله بن أبيّ بن سلول ما كان من أمر أبيه، فأتى النبي (ص) فقال: يا رسول الله بلغني أنك تريد قتل أبي، فإن كنت فاعلاً فمرني به فأنا أحمل إليك رأسه، وأخشى أن تأمر غيري بقتله فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل أبي يمشي في الناس فأقتله فأقتل مؤمناً بكافر فأدخل النار.
فقال النبي (ص)، بل نرفق به ونحسن صحبته ما بقي معنا. فكان بعد ذلك إذا أحدث حدثاً عاتبه قومه وعنّفوه وتوعدوه، فقال رسول الله (ص)، لعمر بن الخطاب حين بلغه ذلك عنهم: كيف ترى ذلك يا عمر؟ أما والله لو قتلته يوم أمرتني بقتله لأُرعِدت له آنف، لو أمرتها اليوم بقتله لقتلته.
فقال عمر: أمر رسول الله أعظم بركة من أمري."[15]
إن هذه الواقعة نزل فيها قرآن كريم ورد في سورة "المنافقون"، قال تعالى:
"إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون."[16]
وقال تعالى في السورة نفسها: "يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ ولله العزّة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون."[17]
إن غزوة بني المصطلق وما حصل بعدها تحمل مجموعة عبر ولطائف هي:
1- الغزوة حصلت عندما تجمع القوم عند ماء المريسيع، فالماء يعدّ المرفق الاقتصادي الأهم في المناطق الصحراوية، وبعد هزيمة بني المصطلق حصل ما حصل لأن الناس تدافعوا طلباً للماء، وهذا درس مهم في أمر الحروب والمقاومة حيث يجب أن يكون الاقتصاد في الحساب مما يقود إلى ضرورة اعتماد الأساليب الوافية بتجفيف منابع اقتصاد العدو، وفي أيامنا هذه مقاطعة بضائع الأعداء وفرض الحصار عليهم، فإضعاف الاقتصاد يؤدي إلى إضعاف الإمكانات، ومنها الجانب العسكري.
وهذه الصيغة مهمة وقد جاءت قرآناً كريماً بلسان موسى عليه السلام عندما طلب موسى التأييد الإلهى ضد فرعون وقومه ففي الآية: "ربنا اطمس على أموالهم."[18]
ويوم أراد مشركو قريش أن يضيّقوا على رسول الله وصحبه قبل الهجرة في مكة المكرمة حاصرهم في شعب لأبي طالب، ومنعوا عنهم التواصل والتبادل الاقتصادي. وأبو جهل كان يقصد من دخل في الاسلام من أهل قريش متوعداً ويقول له: "لنكسدنّ تجارتك، ولنهلكنّ مالك."
2- إن العصبية أمر خطير، ومسلك وعر لذلك نهى عنها الإسلام، وذمّها، وحذّر منها، والعصبية هي انتصار الشخص لقومه على الظلم، والعصبية والفئوية منبع الفتن التي تهلك الحرث والنسل. فما من مرة تبرز فيها عصبية إلا قاد ذلك إلى التنازع والخصام والإقتتال، ومن وقائع غزوة بني المصطلق يظهر ذلك جلياً. فعندما طلب كل واحد من المتدافعين جهجاه الغفاري وسنان الجهني التأييد والنصرة من قومه ثارت حمية وعصبية لا تلائم روح الإسلام فإذا بها تبعث فتنة، وتترك فرصة لمنافق من داخل الصفوف هو عبدالله بن أبيّ بن سلول كي ينفث سمومه، ويذر قرنه لأن الشيطان الفاتن قد هيّأ له المناخ.
الدرس في هذه النقطة هو أن ينتبه كل فرد مؤمن لكلامه ومواقفه، وألا يدع العصبية أيًّا كانت رابطتها (مذهبية – طائفية – عرقية – قبلية..... الخ) تفعل فعلها في نفسه لأن العصبية مع الغضب تترك لشياطين الإنس المجال واسعاً لزرع الفتنة، وتترك المنافقين القابعين داخل الصفوف فرصة تنفيذ مؤامراتهم. وإذا كانت فتنة شاس بن قيس وافدة من عدو من خارج، فإن فتنة ابن أبي سلول قد بعثها منافق صاحب هوى من داخل. إن ظروف أمتنا اليوم تحتاج أن نأخذ العبرة كي نواجه كل دافع للفتنة أكان من داخل الصفوف، أو من خارج الأمة، وما ذلك إلا لأن الوحدة قوة ورحمة وسبيل إلى الفوز والفلاح والإنتصار، والفرقة ضعف وخذلان وسبيل إلى الهزيمة والإنكسار وضياع الحقوق.
3- درس مهم في حفظ وحدة المجتمع، ووحدة الأمة أنه درس الحِلم والصبر على الأذى الصادر من قبل بعض المنافقين وأصحاب الأهواء، لأن حفظ الوحدة يحتاج للصبر لقوله تعالى: "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين."[19]
هذا ما أكد عليه رسول الله عندما قال له عمر بن الخطاب: "يا رسول مُر به عباد بن بشر بن وَقَشْ فليقتله". فأجابه الرسول: "فكيف يا عمر إذا تحدث الناس: أن محمداً يقتل أصحابه؟". إن الحفاظ على وحدة الصف تستلزم التضحية والتحمل والحِلم، والتجاوز عن أخطاء تحصل ممن هم داخل الصفوف لأن الاقتصاص أو الانتقام من واحد داخل الصفوف سيحدث بلبلة، ويدفع مسار العلاقات باتجاه لا تحمد عقباه. وهذا درس تحتاجه مجتمعات الأمة وأوطانها حيث نشأت مجموعات يصدر عنها أمور في غير الصالح العام نتيجة جهل أو عصبية أو ولاء للأجنبي أو غير ذلك، وهذا الأمر يحتاج لمعالجات حكيمة تحفظ وحدة الكلمة والصف.
4- "ولكن أذّن بالرحيل"؛ أمر توجه به الرسول إلى عمر بن الخطاب، واستغرب الجميع الموقف، فالوقت ليس وقت رحيل، ولكن حدّة الموقف، وحالة الانفعال التي سادت بعد تدافع جهجاه الغفاري وسنان الجهني، وبعد أن تلقف المنافق ابن سلول الواقعة ليثير فتنة بين المكونين الأساسيين لجماعة المسلمين يومها: المهاجرين والأنصار. وهذا درس مهم في علم القيادة حيث حكمة القائد تقتضي إذا تقابل القوم واحتدم الموقف أن ينتقلوا من المكان لتغيير الأجواء فالجغرافيا لها تأثير في توليد المناخات، وهنا المكان عند الماء هو مكان غزوة وبعده تدافع واحتقان في المشاعر، ولا بدّ من الإنتقال فالسير يشغل، والإنتقال يبعد الناس عن حالات التوتير، وبذلك بدأت غيوم متلبدة بالإنقشاع.
5- عبدالله بن عبدالله بن أبيّ بن سلول دخل في الإسلام وحسن إسلامه، ومعروف عنه قبل الإسلام في المدينة سلوكه في برّ والديه، وعندما علم بالواقعة قصد رسول الله راجياً أن يأذن له بقتل والده لما بدر منه من دعوة للفتنة حتى لا يسبقه إلى قتله أحد من المسلمين فيكون في نفسه شيء عليه يدفعه لاحقاً للإنتقام من أخ له في الدين فبذلك يكون قد قتل مؤمناً بكافر أو منافق.
هذا موقف نبيل وقفه عبدالله الذي قدّم إسلامه ووحدة صفوف المسلمين على الأنا فوصل به الموقف إلى حدّ الإستعداد لقتل أبيه مقدماً العام على الخاص.
وقد بادله الرسول موقفاً يحتاجه كل قائد في مثل هذه الحالات حيث أجابه(ص) قائلاً: "بل نُرفِق به، ونُحسن صحبته ما بقي معنا." هذا موقف ينبع من مبادئ الإسلام السمح الحنيف إنه مبدأ الرحمة الذي يُعدّ أبرز مرتكز في الإسلام وقد جسّده نبي الرحمة في كلّ قول وفعل وتقرير سنّة ماضية في أتباع الإسلام.
واليوم ونحن نمرّ بظروف معقدة متشابكة فيها الهموم والمشكلات والنـزاعات، ومتعددة فيها التحديات نحتاج داخل المجتمع أن نعمد إلى الرفق في الأمر كله بعيداً من الغلوّ والتطرف، وأن نعمل في علاقتنا بقاعدة حُسن الصحبة كي تحصل الإلفة، وتترسخ الأخوة لنحفظ وحدة المجتمع، ونئد الفتن فبالوحدة ننتصر، وبالإلفة تتعانق القلوب والمشاعر قبل الهامات والأبدان فيتحول أهل الأمة صفاً كالبنيان المرصوص يشدّ بعضه بعضاً.
6- تنتهي واقعة غزو المصطلق، وما ترافق معها من إجراءات إلى قول عمر: "قد والله علمت، لأمر رسول الله أعظم بركة من أمري.". وهذا ما يحتاجه كل مسلم في أيامنا أيًّا كان بلده أو مذهبه، أو فلسفته، أو سياسته، أو اختصاصه، أو مهنته وعمله، لأن تأصيل السلوك والقول على أسس المنهج النبوي في السيرة النبوية الشريفة يوصل إلى شاطئ الأمان، ويسهم في معالجة كل المشكلات وفق القواعد السليمة، وبشكل خاص معالجة أمر الفتن ما ظهر منها وما بطن، وما يثير منها شياطين الإنس من داخل الصفوف، أو ما يزرعه الأعداء الطامعون بالأمة وقدراتها.
خاتمة:
استقبلنا السنوات الأولى من القرن الحادي والعشرين، والمؤامرة الإستعمارية الصهيوأمريكية تستهدف الأمة العربية والإسلامية في كل الميادين: الأرض والمقدسات والإقتصاد والأجيال، وقبل ذلك الإسلام الذي لم يتورعوا عن إطلاق تهمة الإرهاب عليه شريعة وفقهاً ومسلمين.
يعمل هؤلاء مواصلين عدوانهم وجرائمهم من فلسطين والقدس والمقدسات في قلب الأمة إلى سائر أرجائها، لأنهم يرون الإسلام والمسلمين، وفي قلبهم العرب، عقبة في طريق مشاريعهم في الإغتصاب والإحتلال والسيطرة والنهب والإفساد، ومؤامراتهم تستهدف وحدة الكلمة والصف وزرع الشقاق والإنقسام والفتن بمسميات وألوان متعددة لأنهم يرون في ذلك انتصاراً لمشاريعهم وتحقيقاً لأطماعهم، فما يهدفون إليه لا يستطعون تحقيقه مع الوحدة. لذلك نحتاج إلى التأكيد بأن المسلمين جميعاً عليهم واجب التزام قاعدة أساسية في الإسلام هي أن الإسلام قام على "عقيدة التوحيد وتوحيد الكلمة".


الهوامش:




[1]- سورة البقرة، الآية 191.
[2]- سورة البقرة، الآية 217.
[3]- سورة الأنفال، الآية 25.
-[4]ابن منظور، ابو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم، لسان العرب، م13، بيروت، دار صادر، ص316.
[5]- الأحاديث الواردة حوتها: مجموعة الاحاديث النجدية، المدينة المنورة، المكتبة السلفية، ط3، سنة 1383هـ.
[6]- تستنظف العرب: تستوعبهم هلاكاً.
[7]- سورة الأنفال، الآية 25.
[8]- القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج4، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، سنة 1987، ص155.
[9]- سورة آل عمران، الآية 100.
[10]- سورة المائدة، الآية 64.
[11]- الطبري، محمد بن جرير، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، م3، الرياض – مكة المكرمة، مكتبة نزار مصطفى الباز، سنة 1415هـ - 1995م، ص35.
[12]- المريسيع: اسم ماء في ناحية قُديد إلى الساحل.
[13]- قُديد: اسم موضع قرب مكة.
[14]- الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأمم والملوك، م2، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، سنة 1422هـ - 2001م، ص109.
[15]- ابن الأثير، عزالدين ابو الحسن علي، الكامل في التاريخ، م2، بيروت، دار صادر، ط6، سنة 1415هـ - 1995م، ص194.
[16]- سورة المنافقون، الآية 1.
[17]- سورة المنافقون، الآية 8.
[18]- سورة يونس، الآية 85.
[19]- سورة الأنفال، الآية 46.


مصدر : رسالة التقرِيب
العدد 60


التوقیع/

المنهج النبوي في معالجة الفتن  688crypalestin22_tn
المنهج النبوي في معالجة الفتن  958montada_tn



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.alqodsolana.blogfa.com
نور المهدى
Admin
نور المهدى


عدد المساهمات : 211
تاريخ التسجيل : 28/05/2010
العمر : 65
الموقع : مدير منتدى نور المهدى فلسطين

المنهج النبوي في معالجة الفتن  Empty
مُساهمةموضوع: رد: المنهج النبوي في معالجة الفتن    المنهج النبوي في معالجة الفتن  Emptyالأحد 26 سبتمبر 2010, 4:34 pm



جزاك الله خيرا
موضوع متميز جدا جدا
شكرك لك
مزيدا مزيدا من النور والعلم

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nooralmahdy.yoo7.com
المجاهد

المجاهد


عدد المساهمات : 35
تاريخ التسجيل : 15/09/2010
العمر : 39

المنهج النبوي في معالجة الفتن  Empty
مُساهمةموضوع: رد: المنهج النبوي في معالجة الفتن    المنهج النبوي في معالجة الفتن  Emptyالأربعاء 06 أكتوبر 2010, 12:40 pm



السلام علیکم

المنهج النبوي في معالجة الفتن  Zr87q7kafk7me4pv93q9


التوقیع/


المجاهد
المنهج النبوي في معالجة الفتن  Tawke3_all

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله السيد

عبدالله السيد


عدد المساهمات : 155
تاريخ التسجيل : 19/08/2010
العمر : 34
الموقع : المناصرة الشبابيه الالكترونيه لكسر الحصارعن غزة

المنهج النبوي في معالجة الفتن  Empty
مُساهمةموضوع: رد: المنهج النبوي في معالجة الفتن    المنهج النبوي في معالجة الفتن  Emptyالسبت 09 أكتوبر 2010, 12:56 am

شكرا لك على الموضوع الرائع والمميز

بانتظار كل ما هو جديد

اللهم انا نعوذو من فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال
اللهم انا نعوذو بك من فتنه القبر
اللهم امين

رائع جدا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عاشقة فلسطین

عاشقة فلسطین


عدد المساهمات : 734
تاريخ التسجيل : 30/05/2010
العمر : 43
الموقع : کل بلاد الاسلامیه موطنی و فلسطین فی قلبی

المنهج النبوي في معالجة الفتن  Empty
مُساهمةموضوع: رد: المنهج النبوي في معالجة الفتن    المنهج النبوي في معالجة الفتن  Emptyالسبت 09 أكتوبر 2010, 9:07 pm



المنهج النبوي في معالجة الفتن  926d0db541

المنهج النبوي في معالجة الفتن  54


شکرا علی مرورکم الطیب

المنهج النبوي في معالجة الفتن  Images-e4c71bea5e

المنهج النبوي في معالجة الفتن  136218


التوقیع/

عاشقة فلسطین
المنهج النبوي في معالجة الفتن  1265746396


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.alqodsolana.blogfa.com
 
المنهج النبوي في معالجة الفتن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المسجد النبوي الشريف
» المبعث النبوي.. الإعلان الإلهي لبلوغ الإنسان

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى نور المهدى فلسطين :: الملتقى الاسلامى :: السنة النبوية والسيرة العطرة-
انتقل الى: