عاشقة فلسطین
عدد المساهمات : 734 تاريخ التسجيل : 30/05/2010 العمر : 43 الموقع : کل بلاد الاسلامیه موطنی و فلسطین فی قلبی
| موضوع: انتفاضة حیاة الخميس 28 أكتوبر 2010, 6:22 am | |
|
سمائي ملأى بالغيوم الثقالِ
| والأرضُ ظمأى للنَّدى والرجالِ
| متى أرى كُلَّ عُبودِيَّتِي
| يسحقها الماردُ تحتَ النِّعالِ؟
| أَجُرُّ رِجْلَيَّ جَديبَ الرُّؤى
| بين القبورِ السودِ بينَ الرِّمالِ
| مُشَرَّداً أتلو سُطورَ البلى
| صارخةً ملءَ الدروبِ الطِّوالِ
| أوَدُّ لو أنسى عويلَ الأسى
| في قريتي العَذراءِ خلفَ التِّلالِ
| مُضَيَّعٌ .. دامٍ شَرُودُ المُنى
| وخاطري يجري وراء المُحالِ
|
وكانت الأحزانُ تُودي به
| تَهُزُّهُ في قَلَقٍ وانْفِعالِ
| متى يرى العصفورُ عُشَّ الصِّبا
| وشاطئَ الدوحِ بعيدَ المنالِ
| وراحَ يرنو حولَه ساكِنًا
| يُصغي إلى ألحانِ روحٍ خَيالي
| رقيقَةً مُنْسابةً ثَرَّةً
| غَنِيَّةً .. وافِدَةً في انثيالِ
| تَسُوقُها الأَنسامُ خَمْرِيَّةً
| تَخْطُرُ في سُكْرِ الهَوى والدَّلالِ
| والقَفْرُ كالمحرابِ عند الزوالِ
| وكلُّ شَيءٍ خاشعٌ في ابتهالِ
| لا رَعْشَةٌ، لا نَبْأَةٌ، لا صدًى
| غيرُ العُشَيْباتِ وبعضُ النِّمالِ
| يُصغي فتستيقظُ أعماقُهُ الظْـ
| ظَمأى على أنغامِ نَبْعِ زُلالي
| "تَرنيمتي" واغرَوْرَقَتْ عَيْنُهُ
| وذَهَّبَ النورُ القِبابَ العَوالي
|
مِنْ أين تَسري يا نسيم الشَّمالِ
| من أَيِّ آفاقِ الشَّذَى والجمالِ؟
| ترنيمتي! تحملُ ترنيمتي
| أأنتِ من تِلكَ الرُّبوعِ الغَوالي؟
| مِنْ غابَةِ اللَّيْمونِ والبرتقالِ
| ومِنْ عذارى السَّرْوِ فوق الجبالِ
| مِنْ تمتماتِ الرِّيحِ بين الرُّبَا
| وزَقْزَقاتِ الطيرِ بين الدَّوالِي
| أُحِسُّ في مجراك أنغامَها
| ونفحةَ النُّوَّارِ بينَ الظِّلالِ
| وصُفرة القَبْرِ تحدو المَسا
| والتِّينُ والجُمَّيْزُ بادي الجَلالِ
| والنورُ يلهو في ذرى مَوطِني
| يلمعُ في الأوراقِ مثلَ اللآلي
| ترنيمتي يا رَبُّ .. تَرنيمتي
| أوَّاهُ .. ما أشقى طريدَ اللَّيالي!
|
وعندما قرَّتْ أعاصيرُه
| كان السَّنا يُمْعِنُ في الارتحالِ
| وفرَّتِ الأنسامُ مذعورةً
| كأنها تفهَمُ معنى السؤالِ
| وودَّعَ القَفْرُ ابتهالاتِه
| وخيَّمَتْ روحُ الأسى والكَلالِ
| وأقبَلَ اللَّيلُ الرَّهيبُ الخُطى
| يدفِنُ في الغَيْمِ ضياءَ الهلالِ
| ولاحت الأرضُ كقبرٍ عفا
| يُرِيعُهَا رقصُ المآسي الخوالي
| ورقرَقَ الحزنُ ترانيمَه
| نائحةً فوق القفارِ البوالي
| وخيَّلَ الليلُ لِسمَّارِه
| أنَّ قُبَيْلَ الفجرِ شَدُّ الرِّحالِ
| هناكَ حيثُ الشوكُ مثلَ المدى
| وزهرُهُ يختالُ فوقَ الصِّلالِ
| تلالأَت مستعمراتُ العدا
| ساطِعةً خلفَ خطوطِ القتالِ
|
تَعْرَى البغايا في مواخيرِها
| تُمَزِّقُ الأثوابَ في الابتذالِ
| عِرْبيدَةُ الأجسادِ مَخْمورَةٌ
| تَغْرَقُ في ليلٍ عنيفِ الضَّلالِ
| لا ينتهي تَصحابُ كاساتِها
| أصداؤها الحمراءُ مِلْءَ الأعالي
| المومِساتُ المُرْهِقاتُ الدُّجى
| المُحْرِقاتُ اللَّيلِ في الانحلال
| يَرْشُقْنَ بالدَّمِّ مَحاريبَنا
| يا لك مِنْ ربع ذبيح ويا لي
| وانتشَرَتْ دموعُه في الثَّرى
| وطارَ عُشْبٌ تائهُ الدَّربِ .. بالِ
| وحوَّمَ اليَأْسُ بِأجوائِهِ
| والتلُّ أسوانُ حوالَيْه خالي
| ألقُوا عليَّ العبءَ ثم انزَوَوْا
| وخَلَّفُوا شَعبي شديدَ الهُزالِ
| وكُلُّهُم أقوى يداً مِنْ يَدي
| وخَيْلُهم تَمُرُّ بي في اخْتِيالِ
| تَهْزَأُ بِي تَضْرِبُنِي بالحَصى
| يدوسُنِي غُبارها لا يبالي
| وجعت تعثر أقدامه
| كأنَّه حليفُ داءٍ عُضالِ
|
كأنَّه للشَّنْقِ يسعى به
| مُطَأْطِئاً هامَتَهُ للحِبالِ
| يسيرُ كالنَّعْشِ وقد ماتَ في
| أغوارِهِ السوداءِ روحُ النِّضالِ
| فصاحَتِ الدُّنْيا به صَيْحَةً
| ترددت في غَضَبٍ واشتِعالِ
| وانْتَفَضَتْ أعماقُهُ كلُّها
| كأنَّها عاصفةٌ في الجِبالِ
| يا راهِبَ الأحزانِ يا لَعْنَةً
| حَقيرَةً بين شِعابِ الخيالِ
| ارجِعْ فما يُنْجيكَ غيرُ النِّضالِ
| ارجِعْ وإلا مِتَّ تحتَ النِّعالِ
| وشَبَّتِ النَّارُ فيا مرحبا
| شُبِّي ولا تمشي ظلام الليالي
| فلا أغاث الماء من تربة
| ما نَبَتَتْ فيها الرِّماحُ العَوالي!
|
الدکتور عبدالرحمن البارودالتوقیع/عاشقة فلسطین | |
|