عودة فلسطين مرهونه بعودة المسلمين الى الله الشهيد نور الدين محمود - رحمه الله
صنع منبرًا ضخمًا وقرر أن لا يهدأ له بال ولا يُغمض له جفن
حتى يضع هذا المنبر في المسجد الأقصى
أو يتوفاه الله - عز وجل- قبل ذلك
لقد فقه - رحمه الله- إسلامية القضية
واستغلها ليعيد الناس إلى ربهم
كذلك فعل "صلاح الدين الأيوبي"- رحمه الله
وما فكر في تحرير فلسطين إلا بعد أن اطمأن
إلى عودة المسلمين إلى ربهم وصدقهم معه
فهنا علم أن النصر قريب؛ فكانت حطين
وكان تحرير بيت المقدس.
فقه ذلك أيضًا السلطان قطز- رحمه الله
فما تحرك إلى فلسطين إلا بعد أن قام العلماء والفقهاء
وعلى رأسهم العز بن عبد السلام- رحمه الله- يرغبون الناس في الجنة، ويخوفونهم من النار، ويعظمون عندهم الجهاد ويرفعون عندهم قيمة الموت في سبيل الله..
ولما تيقن قطز- رحمه الله- من عودة الناس إلى ربهم علم أن النصر على التتار نتيجةً حتميةً لهذه العودة إلى الله؛ فكانت ((عين جالوت)) وما بعدها من إهلاك التتار، وتحرير فلسطين والشام:[ إن تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ]{محمد: 7}،
ومن ثَمَّ، فإنه على الدعاة المسلمين أن يُحسنوا استغلال قضية فلسطين في لفت أنظار المسلمين إلى ضرورة العودة إلى الله- عز وجل- فضياع فلسطين علامة على نقص الإيمان وضعفه، وكلما ازداد موقف المسلمين ضعفًا في قضية فلسطين أدركت أن المسلمين ابتعدوا عن الله أكثر، وهذا أمر مرعب، وناقوس خطر عظيم.
يجب على الدعاة أن يوضحوا للناس- تمام الوضوح- إسلامية القضية الفلسطينية، وارتباطها الوثيق بقيمة المسلمين عند الله- عز وجل- وأن الله- عز وجل- إن علم خيرًا في جيل ما فإنه يمكِّن له، وإن علم ضعفًا وجبنًا وخورًا وخبثًا في جيل آخر استبدل به: [وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ]{محمد: 38}،
وعلى الدعاة أن يشرحوا للمسلمين كيف تتحول حماستهم لفلسطين إلى عمل إيجابي لا يحرر فلسطين فقط، بل يرفع من شأن الأمة الإسلامية بكاملها، ويأخذ بيدها إلى مكان الصدارة والقيادة للأرض كما أرادها الله- عز وجل: [كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ]{آل عمران: 110}.
ولا يستقيم أن يرفع المسلمون أيديهم إلى الله- عز وجل- يدعونه أن يرجع إليهم فلسطين، وأن يرفع عنها البلاء، وهم لا يقدِّمون عملاً، ولا يركبون خيلاً، ولا يرفعون سيفًا، ولا يتمسكون بقرآن، ولا يحفظون سُنَّة، ولا ينتجون غذاءهم ودواءهم وسلاحهم، ولا يُحكِّمون شرع الله- عز وجل- في حياتهم.
الإسلام منظومة متكاملة، والمسلم الفقيه هو من يُحيط علمًا بكل جوانب الصورة الإسلامية؛ فلا يهتم بشيء ويهمل آخر، ولا يختار من الدين ما يوافق هواه ومزاجه، بل يكون شعاره في حياته دائمًا: [سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ]{البقرة: 285}.
قضية فلسطين قضية إسلامية تمامًا، وحتمًا ستعود فلسطين في يوم من الأيام إلى الإسلام والمسلمين، ولكن المهم مَن الذي سيعيدها؟ أو قل: من الذي سيعود إلى الله، فيعيد الله إليه فلسطين؟!
[يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآَخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ* إِلاَّ تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ]{التوبة: 38}