بلقيس اليمن
عدد المساهمات : 10 تاريخ التسجيل : 19/07/2010 الموقع : اليمن
| موضوع: كيف نجمع بين الآية (فمن شاء فليؤمن ومَن شاء فليكفر) وبين الحديث (من بدل دينه فاقتلوه) الجمعة 06 أغسطس 2010, 12:48 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف نجمع بين الآية (فمن شاء فليؤمن ومَن شاء فليكفر) وبين الحديث (من بدل دينه فاقتلوه)؟
في كثير من الأحيان يلتبس علينا القول في القرآن والسنه فما لنا إلا سؤال أهل الذكر فهم الأعلم في هذا المجال أوردت هنا سؤال عن الجمع بين آيه و حديث وهدفي التوضيح والإستزاده في العلم لمن أراد وكما قيل زكاة العلم نشره القول على الله بِغير عِلْم قَرِين الشِّرْك بالله .
قال تعالى : (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) .
والقول على الله بِغير عِلْم قَرِين السوء والفواحش . قال تعالى : (إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ)
الإستدلال بقول الله: (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) إنه من التخيير قالتْ على الله بِغير عِلْم ، مع أنها كتبت الآية أصلا خطأ ! ولا يجوز بَتْر الآية عن سياقها ، كما قال بعض السُكَارَى : (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ) وسَكَت ! ولا الإستدلال بها على ما يفهمه الشخص مِن عند نفسه ، بل لا بُدّ من فَهْم سلف هذه الأمة من زمن الصحابة رضي الله عنهم ومرورا بعلماء الأمة الذين أفنوا شبابهم وأمضوا أعمارهم في طلب العِلْم وتعلّمه . ويكفي أن نعرف أن شيخ الْمُفسِّرِين " ابن جرير الطبري " كان يَرْحَل ويُفتِّش ويسأل ويتعلّم وعمره قد جاوز الخمسين عاما !
وآية الكهف قال الله عزَّ وَجَلّ فيها قبل ذلك : (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28) وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا) . فهذه الآية على سبيل التهديد ، وليست على سبيل الإختيار .
قال ابن جرير في تفسير هاتين الآيتين : يقول تعالى ذِكْرُه لِنَبِيِّه محمد صلى الله عليه وسلم : وقل يا محمد لهؤلاء الذين أغفلنا قلوبهم عن ذكرنا ، واتبعوا أهواءهم : الحقّ أيها الناس مِن عند ربكم ، وإليه التوفيق والحذلان ، وبِيَدِه الهدى والضلال ، يهدي من يشاء منكم للرشاد ، فيؤمن ، ويُضِلّ من يشاء عن الهدى ، فيكفر . ليس إلي من ذلك شيء ،ولست بِطَارِد - لِهَواكم - مَن كان للحقّ مُتَّبِعًا، وبالله وبما أنزل علي مؤمنا،فإن شئتم فآمنوا، وإن شئتم فاكفروا ، فإنكم إن كفرتم فقد أعدّ لكم ربكم على كفركم به نارا أحاط بكم سرادقها،وإن آمنتم به وعَمِلتم بطاعته، فإن لكم ما وَصف الله لأهل طاعته .
وقال البغوي : (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ)هذا على طريق التهديد والوعيد .
وقال ابن كثير في تفسير قوله تعالى : (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ): هذا من باب التهديد والوعيد الشديد ؛ ولهذا قال : (إِنَّا أَعْتَدْنَا ) أي : أرْصَدْنا(لِلظَّالِمِينَ)وهم الكافرون بالله ورسوله وكتابه (نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا)أي : سُورها .
وأما قول (أم أن الحديث ينسخ القرآن ..؟!) فأقول : الصحيح أن الحديث ينسخ القرآن ؛ لأن ما أُوتيه نبينا صلى الله عليه وسلم إنما هو وحْي يُوحَى ، كما قال عليه الصلاة والسلام . فإن قوله تعالى : (وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلا) نَسَخه حديث النبي صلى الله عليه وسلم . قال عليه الصلاة والسلام :خُذُوا عَنِّي خُذُوا عَنِّي ، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلا ، الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ . رواه مسلم . وسبحان الله .. لا يزال بعض الناس ينساق وراء أقوال مُتهافتة، سواء كانت للغرب أو لأذنابهم مِن بني جلدتنا حتى لعله قد يخرج من الإسلام وهو لا يشعر ! ومِن أقوى العقوبات التي نفّذها أرحم الْخَلْق صلى الله عليه وسلم ما أوقعه عليه الصلاة والسلام بالقوم الذين قتلوا راعي الإبل وسرقوا إبل الصدقة . ومثله القصاص في رجل من اليهود في المدينة . روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن يهوديا قتل جارية على أوْضَاح لها ، فقتلها بِحَجَر . قال : فجيء بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبها رمق فقال لها : أقتلك فلان ؟فأشارت برأسها أن لا ، ثم قال لها الثانية ، فأشارت برأسها أن لا ، ثم سألها الثالثة فقالت : نعم ،وأشارت برأسها فقتله رسول الله صلى الله عليه وسلم بين حجرين . وفي رواية لمسلم : فَرَضَخ رأسه بين حجرين . وفي حديث أنس رضي الله عنه في قصة العرنيين الذين قَتَلوا الراعي وسَرَقُوا الإبل بعد أن أحسن إليهم النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمَر بِهِم فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ ، فَأُلْقُوا بِالْحَرَّةِ يَسْتَسْقُونَ فَلا يُسْقَوْنَ . رواه البخاري ومسلم .
قَالَ أَبُو قِلابَةَ : هَؤُلاءِ قَوْمٌ سَرَقُوا وَقَتَلُوا وَكَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ .والصحيح أنه لم يُنسَخ ، ولا تعارض مع نَهْيِه صلى الله عليه وسلم عن الْمُثْلَة ،ولا يتعارض مع أمْره صلى الله عليه وسلم بإحسان القَتْل ؛ لأن النهي عن الْمُثْلَة إنما هو في الأعم الأغْلَب ، وكذلك الأمر بإحسان القِتْلَة . ورأي الجمهور أن القاتل يُقتل بما قَتَل به .
واستدلوا بقوله تعالى : ( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ ) . وقال ابن العربي : يُستثنى من المماثلة ما كان فيه معصية كالخمر واللواط والتحريق . أفاده ابن حجر في " الفتح " .
وحرّق عليّ رضي الله عنه أُناسًا بالنار ، فبلغ ذلك ابن عباس رضي الله عنهما فقال :لَوْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أُحَرِّقْهُمْ لأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ ، وَلَقَتَلْتُهُمْ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ . رواه البخاري
والله تعالى أعلم اللهم هذا نورك تؤتيه من تشاء فلا تحرمنا منه
| |
|