د.بسام يوسف إبراهيم بنات*
الدراسة الحالية هي جزء من أطروحة دكتوراه بعنوان "الاستشهاديون الفلسطينينون: حقائق وأرقام 2010"، كلية العلوم السياسية والاجتماعية، دائرة علم الاجتماع، جامعة غرناطة، اسبانيا.
منذ بداية الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني والشعب الفلسطيني يقاوم الاحتلال، وتطورت هذه المقاومة عبر سنين الصراع الممتد منذ أكثر من ستين عاماً، وانتهت بأساليب وأشكال مختلفة، إلى أن ظهر نموذج جديد من المقاومة الفلسطينية في النصف الأول من التسعينيات أطلق عليه "العمليات الاستشهادية"، وسرعان ما تزايدت مع بداية انتفاضة الأقصى عام 2000 وبشكل ملفت للنظر، حتى أصبحت ظاهرة عامة تنتشر بين أوساط الشعب الفلسطيني بمختلف فئاته وطبقاته الاجتماعية. لقد استطاعت فصائل المقاومة الفلسطينية تنفيذ مائتي عملية استشهادية نوعية (حزام ناسف، حقيبة وسيارة مفخخة) هزت إسرائيل، وأثارت ردود فعل عارمة محلية، وعالمية، وشكلت نقطة تحول في تاريخ الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، فمن النادر العثور على مثيل لهذه الظاهرة بهذا العدد من الاستشهاديين في أي مكان في العالم، حتى باتت نموذجاً يحتذى به من قبل حركات التحرر في العالم، والسؤال المهم الذي تطرحه هذه الدراسة هو: من أين يأتي الاستشهاديون الفلسطينيون؟ لماذا يستشهدون؟ كيف يجرؤ إنسان على أن يفجر نفسه؟ كيف تصبح المسافة بين الموت والحياة كبسة زر؟
فالاستشهادي الفلسطيني الأول ساهر التمام من مدينة نابلس أهدى عمليته الاستشهادية التي نفذها في بيسان بتاريخ 16/4/1993 إلى مبعدي مرج الزهور ال 416 بلبنان، من قادة المقاومة الفلسطينية السياسيين، الذين أبعدتهم سلطات الاحتلال عن فلسطين ورفضت عودتهم إليها. وقد نفّذ التمام عمليته بالتزامن مع مسيرة الأكفان التي بدأها المبعدون باتجاه حاجز الجيش الإسرائيلي عند معبر زمريا على بعد كيلو مترين اثنين من مخيمهم في مرج الزهور، كوسيلة للضغط على الكيان الصهيوني احتجاجاً على هذا الإبعاد المجحف بحقهم.
وبعد مجزرة الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل التي راح ضحيتها 29 فلسطينياً من المصلين على يد أحد المستوطنين المتطرفين يوم 25/2/1994، خفتت كل الأصوات وعلا صوت واحد أقسم إلا أن يثأر لكل دماء الشهداء وأنّات الجرحى، ففي بيان لكتائب الشهيد عز الدين القسام نعت فيه شهداء مجزرة الحرم الإبراهيمي ووعدت بالانتقام من المحتل المجرم واضعة بذلك خطة خماسية للرد في الوقت والمكان المناسبين، فجاء الرد الأول يوم 6/4/1994 في عملية نوعية هزت عمق الكيان الإسرائيلي وبالتحديد في مدينة العفولة نفذها الاستشهادي رائد زكارنة. وبعد تلك العملية النوعية وبينما كان المهندس يحيى عياش يخطط للرد الثاني وقع الاختيار على الاستشهادي عمار عمارنة ليكون بطل هذا الرد، الذي نفذ عملية نوعية أخرى في مدينة الخضيرة يوم 30/4/1994.
وكانت الشهادة حلم الاستشهادي صلاح شاكر-أحد منفذي عملية نتانيا المزدوجة يوم 22/1/1995- الكبير الذي يكبر معه في كل يوم وهو يرى الحقد الإسرائيلي ينصب فوق رؤوس أبناء شعبه، حيث لم يبق بيت واحد في مخيمه رفح إلا وفيه شهيد أو جريح أو معتقل، وقد نال بيته نصيب من ذلك، حيث شاهد الجيش الإسرائيلي؛ وهو يعتقل أخاه المهندس أحمد ليمضى في السجن ثلاث سنوات، وشاهد الجيش مرة أخرى وهو قادم لاعتقال أخيه الدكتور محمود لمدة عام ونصف، وحتى هو نفسه لم يسلم من الاعتقال ولا من الإصابة، وتشاء إرادة الله أن يقضي الاستشهادي صلاح يوم مجزرة الأقصى بتاريخ 8/10/1990 فترة تدريبه في مستشفى المقاصد بالقدس ليشارك في إسعاف جرحى المجزرة وليرى بأم عينيه فظائع ومجازر جديدة في تاريخ شعبه، كانت تلك الأحداث تنمى في نفسه دافع الاستشهاد ليثأر لكل المعذبين من أبناء شعبه وليرسم البسمة ولو للحظة قليلة على وجوه المجروحين والمنكوبين منهم، مردداً: "من يسعى إلى الخلود ليس له إلا طريق واحد، هو الاستشهاد، وأقول لمن تولى عن السعي للشهادة، إن لم نضح أنا وأنت فمن يضحي".
وكان الاستشهادي لبيب عازم يتابع من الأردن عبر وسائل الإعلام الجرائم الإسرائيلية بحق شعبه الفلسطيني، وكان يهوله ما يقع على شعبه الفلسطيني من إذلال وتعذيب، واعتقال وتشريد للمدنيين، فشعر أن نداء الاستشهاد يناديه، فلم يستطع تمالك نفسه من هول تلك المناظر، فحزم أمتعته تاركاً وراءه ما تبقى من دراسته الجامعية متوجهاً إلى فلسطين، لينفذ عملية استشهادية نوعية في مدينة تل أبيب يوم 24/7/1995، تاركاً العدو يتخبط في معرفة هوية منفذها.
وقد أحدثت عملية اغتيال مهندس العمليات الاستشهادية يحيى عياش يوم 5/1/1996، ردود فعل فلسطينية غاضبة، تراوحت بين الشجب والاستنكار والإدانة، والخروج في مسيرات ومهرجانات الاحتجاج والمطالبة بالثأر، لكن البعض فضّل التعبير عن احتجاجه بطريقة أخرى مختلفة، تمثلت بالرد على العملية في قلب الكيان الصهيوني وتفجير نفسه في إحدى حافلاته المكتظة. ففي الوقت الذي كانت تمسح فيه آلاف النساء والأطفال والشبان دموع الغضب التي انسابت من عيونهم على اغتيال عياش، كان المهندس حسن سلامة ابن غزة يمسح العرق عن جبهته وهو يكمل تصنيع الحزامين الناسفين اللذين تزّنر بهما الاستشهاديين إبراهيم السراحنة ومجدي أبو وردة في العملية الاستشهادية النوعية المزدوجة يوم 25/2/1996 في مدينتي عسقلان والقدس، بالإشارة إلى أن الاستشهاديين من سكان مخيم الفوار للاجئين، ولم تغب آمال العودة إلى الموطن الأصلي "عجور، وعراق المنشية" داخل الخط الأخضر 48 عن بالهم أو عن بال عائلاتهم، فكان ذلك دافعاً كافياً لهم لقيادة مسيرة الكفاح بأنفسهم لإعادة تلك الأرض السليبة، والثأر من ذلك العدو الظالم الذي شرّد أهلهم وشعبهم من وطنهم واستوطن أرضهم. ونفّذ الاستشهادي رائد شغنوبي ابن بلدة برقة شمال مدينة نابلس عملية القدس الاستشهادية يوم 3/3/1996، ليكون بذلك الرد الثاني على اغتيال المهندس يحيى عياش.
وكانت عيون الاستشهادي سليمان طحاينة تستيقظ على صوت طرقات جنود الاحتلال مراراً، تارة تطارد شقيقه صالح، وتارة تعتقله، وتارة تغيب شقيقه الذي أحبه وعشق خطاه في غياهب السجون؛ وتتجلى بعدها فلسفة الجبن لدى قوات الاحتلال بعملية اغتيال بشعة طالت شقيقه صالح، فيأخذ على نفسه عهدا وقسما بالانتقام، كيف لا وهو يرى كل يوم بعينيه جرائم المحتل الذي يقتل ويجرح ويعتقل إخوانه وأصدقاءه، ويرى قمة هذا الإجرام على جسده الذي أطلقوا عليه نيران حقدهم لتبتر ساقه اليمنى، ويعيش بقية حياته بساق بلاستيكية، ما كان كل هذا ليزيده إلا إصراراً وتصميماً على تنفيذ عملية القدس المزدوجة مع رفيق دربه الاستشهادي يوسف الزغير يوم 5/11/1998.
تفتحت عيناه على مأساة شعبه وأهله المشردين بين مخيمات الحزن والتشرد والضياع، مخيمات الجوع والألم، ولد الاستشهادي هاشم النجار من رحم المعاناة التي تجرعها والديه، من رحلة التشرد والشتات عن قريته الفالوجة عام 1948، ارتسمت صورة الفالوجة في مخيلته بأنصع وأبهى صورها، خلقت في نفسه التصميم والتأكيد على الثأر والانتقام لأهله ولشعبه من جموع الإسرائيليين في عملية بيسان يوم 22/12/2000، وهذا ما عبّر عنه قبل استشهاده، إذ كتب تعليقاً جاء فيه: "إن الطريق إلى فلسطين والأقصى لا تمر عبر أوسلو ولا واشنطن ولا طاولة المفاوضات المستديرة إنما تكون بالجهاد والمقاومة والجثث والدماء والدموع".
"واهم من يظن أن الجهاد سينتصر بغير دم" هذه الكلمات خطها الاستشهادي محمود مرمش قبل أن يغادر منزله الواقع في الحارة الشرقية في مدينة طولكرم لتنفيذ عملية نتانيا يوم 18/5/2001، وكتب في وصيته: "سأجعل من جسدي قنبلة أفجر بها أجساد الصهاينة، انتقاما لكل قطرة دم سالت على تراب بيت المقدس مسرى نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وانتقاما لأبناء فلسطين ونسائها وشيوخها وأطفالها، وانتقاما لإيمان حجو التي هزّت قلبي وكياني ووجداني، وهي ابنة الشهور الأربعة التي قتلها في مهدها قصف صهيوني لخان يونس في قطاع غزة".
ولم تمنع الحدود والبعد الجغرافي الاستشهادي سعيد الحوتري، الذي عايش معاناة شعبه في المهجر القدوم من الأردن إلى مدينة قلقيلية شمالي الضفة الغربية وتنفيذ عملية تل أبيب النوعية بتاريخ 1/6/2001 رداً على جرائم الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني. وكتب في وصيته مخاطباً أبناء شعبه الفلسطيني: "أيها الأسرى، أيها الجرحى، أيها الشهداء، أيتها الأرامل، باسمكم جميعاً أقدّم روحي في سبيل الله عز وجل، وأنتقم لآهاتكم وأنّاتكم وجراحاتكم، سأجعل من جسدي شظايا وقنابل تطارد بني صهيون وتنسفهم وتحرق بقاياهم، ويشف صدور قوم مؤمنين".
الاستشهادي أشرف السيد كان كعادته في عمله في محل بيع الكوكتيل وسط مدينة نابلس عندما جاءه أحد الأخوة مسرعاً، وهو يلهث، ليكشف له تفاصيل الانفجار الذي هزّ مدينة نابلس، واغتال الإسرائيليون فيه القائدين جمال منصور وجمال سليم، من حركة حماس. كان وقع الخبر على أشرف لا يقل عن وقع القذيفة التي أطلقها الإسرائيليون من طائرة أباتشي على مكتب الشهيدين، والتي أدت إلى استشهادهما وستة آخرين من بينهم الطفلين هلال وبلال خضير. كان منظر أشلاء الشهداء مروعاً جداً وكانت الحشود التي تخرج الشهداء لا تخرج إلا قطعا من لحمهم، ولم يطفأ نار قلبه إلا إشعال جسده بالإسرائيليين، فكان المنتقم الأول لاغتيال القائدين حين نفذ عملية حاجز الحمرا قرب نابلس يوم 8/8/2001.
أما الاستشهادي عز الدين المصري فقد تأثر كثيراً بالأحداث الدامية خلال انتفاضة الأقصى والمجازر الوحشية التي ارتكبت فيها، ويوما بعد يوم تزداد الانتفاضة وتشتد ضراوتها، وإذا بالكثيرين ممن يعرفهم يسقط بين شهيد وجريح ومعتقل، وكل حدث تحمله الانتفاضة يزيد عز الدين إصرارا على الوفاء لدماء الشهداء وآهات الثكلى والجرحى، ويزداد في قلبه الانتقام من محتل قتل وشرد وأسر. وجاءت ساعات الرد، ووقت الثأر للشهداء، وقت الانتقام من عدو لم يفرق بين شيخ مسن ولا طفل رضيع في عملية استشهادية نوعية هزّت مطعم سبارو في مدينة القدس يوم 9/8/2001.
وعبّر الاستشهادي محمد حبيشي منفذ عملية نهاريا يوم 9/9/2001 عن دافعه الاستشهادي من خلال وصية قال فيها: "منذ ولدت ووعيت على هذه الدنيا وأنا أسمع وأشاهد المجازر تلو المجازر ضد شعبنا الأعزل على أيدي اليهود الغاصبين، وقد شرفني الله بأن أكون أحد استشهاديي كتائب عز الدين القسام وأن أحمل لواء الجهاد والمقاومة، وأسأل الله أن يتقبلني شهيداً في سبيله لتكون شهادتي رسالة انتقام لدماء شهداء مجازر كفر قاسم ودير ياسين وقبيه وصبرا وشاتيلا وقانا والأقصى والحرم الإبراهيمي ونحالين، والذين تدمرت بيوتهم في رفح وخان يونس وفي بقاع فلسطين قاطبة، والانتقام للشهداء الذين سقطوا في سخنين وعرابة والناصرة، وجميع الشهداء الذين سقطوا في فلسطين المحتلة عام 1948 وشهداء قطاع غزة والضفة الغربية".
ولم تترك حركة حماس، وجناحها العسكري كتائب الشهيد عز الدين القسام، جريمة اغتيال القائد محمود أبو هنود ومرافقيه في نابلس، تمر مرور الكرام ودون عقاب، فقطعت على نفسها عهد الانتقام لدمائهم الطاهرة، في كل مكان يتواجد فيه العدو الإسرائيلي، فكان ردها المزلزل حين جعلت من جسد الاستشهادي تيسير العجرمي من مخيم جباليا، قنبلة تنفجر في وجه الإسرائيليين يوم 6/11/2001 على حاجز إيرز بقطاع غزة، حيث المكان الذي يتعرض فيه آلاف العمال الفلسطينيين للإهانة والإذلال يومياً، وهم في طريقهم للعمل داخل فلسطين المحتلة 48.
هذا وقد فاجأ دخول المرأة الفلسطينية مضمار العمليات الاستشهادية الأوساط الأمنية الإسرائيلية التي باتت تعلم أنها في مواجهة ظاهرة أصبح كل الشعب الفلسطيني -شباباً وفتيات- يبحث عمن يساعده في القيام بمثلها. فالاستشهادية الفلسطينية الأولى وفاء إدريس من مخيم الأمعري للاجئين الفلسطينيين، منفذة عملية القدس بتاريخ 27/1/2002، كانت تعمل مع طواقم الإسعاف في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، وكانت تشاهد كل يوم عشرات الجرحى والمصابين، وتعمل على نقل جثث الشهداء الذين يسقطون بنيران جنود الاحتلال، وكانت تتحدث دائماً عن طبيعة تلك المشاهد المؤلمة، وفي مرات عديدة تأتي إلي البيت والحزن يلفها وهي تروي قصص الجرحى والشهداء الذين فجرت رؤوسهم وأجسادهم رصاصات الاحتلال وقذائفهم، والتي كان آخرها مقتل الطفل سمير كسبه برصاصة في الرأس قبل أسبوعين من تنفيذها العملية، وكان لكل ذلك تأثيره التراكمي داخلها لتقدم على العمل الاستشهادي.
وعبّرت دارين أبو عيشة منفذة العملية الاستشهادية على حاجز مستوطنة ماكفيم العسكري قرب مدينة رام الله يوم 27/2/2002 عن دافعها نحو الاستشهادي في وصية جاء فيها: "لأن الجسد والروح كل ما نملك، فإني أهبه في سبيل الله لنكون قنابل تحرق الصهاينة انتقاماً لأشلاء إخواننا الشهداء، وانتقاماً لحرمة ديننا ومساجدنا، وانتقاماً لحرمة المسجد الأقصى، وبيوت الله التي حولت إلى بارات يُمَارسُ فيها ما حرّم الله نكايةً في ديننا، وإهانةً لرسالةِ نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم)! سنتحول بأجسادنا إلى قنابل بشرية تنتشر هنا وهناك لتدمر أسطورة شعب الله المختار، ووهم الأمن للشعب الإسرائيلي، وليعلم الجبان شارون بأن كل امرأة فلسطينية ستنجب جيشاً من الاستشهاديين، وإن حاول وأدهم في بطون أمهاتهم على حواجز الموت الاسرائيلية".
الاستشهادي أكرم النبتيتي منفذ عملية القدس يوم 17/3/2002 كتب في وصيته مخاطباً أبناء شعبه: "إنني لم أقدم على هذا العمل إلا بدافع الانتقام لدماء شعبنا الطاهرة والزكية التي تراق كل يوم بل كل ساعة بفعل الحقد الشاروني والجيش الصهيوني الذي لم يرحم نساءنا ولا شيوخنا ولا أطفالنا، إننا لا نهوى الموت ولكن دفاعاً عن حقنا بالعيش بحرية وكرامة فوق أرضنا الطاهرة نقدم أرواحنا رخيصة في سبيل الحصول على أمن وحرية وسلامة أرضنا وشعبنا وأطفالنا، وأقوم بعملي هذا وأنا في قناعة بل في أتم القناعة بما أقوم به، لأنه الخيار الوحيد لوقف الذل والقهر الذي تمارسه طائرات العدو ودباباته وجنوده فوق أرضنا".
أما الاستشهادي عبد الباسط عودة من مدينة طولكرم، منفذ أضخم عملية استشهادية تتعرض لها إسرائيل منذ إنشائها في نتانيا يوم 27/3/2002، والتي أدت إلى مقتل 29 إسرائيلياً وإصابة أكثر من 150 آخرين، فلم ينتظر طويلاً بعد أن أغلقت قوات الاحتلال في وجهه كل السبل لتنفيذ خططه المستقبلية، بعد أن منعته من التوجه إلى العراق ليتزوج من خطيبته، وليكوّن أسرة، ويتمتع بالحياة. وقد تزامنت عمليته النوعية أيضاً مع جرائم وحشية لجيش الاحتلال داخل الأراضي الفلسطينية، وأطلق عليه اسم "أسد الثأر المقدس".
الاستشهادية اللاجئة آيات الأخرس اقتلع الإسرائيليون عائلتها من قرية قطرة المحتلة عام 48، ابنة مخيم الدهيشة، مخيم الاقتلاع والتشرد، الذي يعاني فيه الأهالي من أوضاع معيشية مأساوية، نفذت عملية القدس الاستشهادية يوم 29/3/2002، ولم يبق على زواجها من شادي أبو لبن سوى ثلاثة شهور، آثرت الشهادة علي بناء عش الزوجية، رغم أن العروسين وصلت بهما أحلامهما إلى الاتفاق علي تسمية المولود الأول "عدي". وجاءت العملية رداً على قتل الإسرائيليين للشهيد عيسى فرج إثر قصف صاروخي لمنزله المجاور لمنزل آيات، إذ وجدته يسبح في دمه عندما ذهبت لإسعافه، وشاهدت ابنته ابنة العامين تلعب في دم أبيها، وذلك كما أشارت والدتها "أم سمير"، التي طالها العنف الإسرائيلي أيضاً باعتقالها عام 1969 كأول أسيرة فلسطينية، إضافة إلى اعتقال أشقاء آيات سمير وإسماعيل عدة مرات. وكتبت الاستشهادية آيات في وصيتها قائلة: "ما فائدة الحياة إذا كان الموت يلاحقنا من كل جانب؟ سنذهب له قبل أن يأتينا، وننتقم لأنفسنا قبل أن نموت".
أما الاستشهادية عندليب طقاطقة فلم تنتظر حتى يوم الأحد 14/4/2002 لتحتفل بعيد ميلادها العشرين؛ لأنها آثرت أن تحتفل به في مكان آخر، وبشكل آخر، وأطفأت نار رغبتها في الانتقام من الإسرائيليين يوم الجمعة 12/4/2002 في مدينة القدس، بدلا من إطفاء شمعتها العشرين في منزل والدها المتواضع جدا في قرية بيت فجار بمحافظة بيت لحم جنوب الضفة الغربية. واعتبر شقيقها الأكبر محمد أن جرائم الاحتلال المستمرة هي التي دفعتها إلى القيام بهذا العمل البطولي الذي يفخر به كل فلسطيني. مؤكدا أن كثرة مشاهدتها لجرائم الاحتلال والدماء التي كانت تُراق أنبتت فيها روح الانتقام للشهداء والجرحى، وبعثت عبر أشلاء جسدها المتفجر الذي لا يزيد عن 40 كغم رسالة إلى قادة الأمة العربية كي يتحركوا لنجدة شعبنا الفلسطيني، وتؤكد لهم أن جسمها النحيل قادر على أن يفعل ما عجزت عنه الجيوش العربية، وذلك كما ورد في وصيتها.
وعلى صوت القذائف الإسرائيلية هرع الاستشهادي جهاد الطيطي يوم 22/5/2002 إلى مقبرة مخيم بلاطة بمدينة نابلس حيث وجد جثة ابن عمه محمود الطيطي قائد كتائب شهداء الأقصى في الضفة الغربية واثنين من مرافقيه ممزقة، بعد أن ثقبتها قذيفة دبابة إسرائيلية. ولم يمض أسبوع على هذه الجريمة البشعة حتى نفذ عمليته البطولية في مدينة تل أبيب يوم 27/5/2002.
وقد عبّر الاستشهادي محمد الغول منفذ عملية القدس يوم 18 /6/2002 عن خياره الاستشهاد بكلمات كتبها بدمه ولحمه، لحن وفاء وأنشودة حرية قائلاً: "ما أجمل أن أكون الرد لتكون عظامي شظايا تفجر الأعداء، ليس حباً في القتل ولكن لنحيا كما يحيا الناس، فنحن لا نغني أغنية الموت بل نتلو أناشيد الحياة، ونموت لتحيا الأجيال من بعدنا".
ومن المخيم الأكبر والأشد ازدحاماً في مخيمات الضفة الغربية "بلاطة"، الذي قدم أحد عشرا استشهادياً نفذوا عملياتهم داخل العمق الإسرائيلي، خرج الاستشهادي احمد الخطيب من حركة فتح يتابع مشوار عائلته الجهادي فنفذ عملية كفار سابا النوعية يوم 24/4/2003، في نفس قريته السابقة كفر سابا التي احتلت عام 1948. بالإشارة إلى أن أسرة الخطيب عائلة مناضلة، حيث ما زالت قوات الاحتلال الإسرائيلية تطارد شقيقه الأكبر محمد بتهمة مقاومة الاحتلال، وابن خاله مجدي أحد الذين اغتالتهم إسرائيل في نيسان 2002 مع قيس عدوان قائد كتائب عز الدين القسام في مدينة جنين. كما اغتالت قوات الاحتلال أحد أقاربه عماد الخطيب عندما أطلقت قذائفها باتجاه مقبرة المخيم مستهدفة محمود الطيطي قائد كتائب الأقصى يوم 22/5/2002 .
أما الاستشهادي باسم التكروري من مدينة الخليل، منفذ عملية القدس الاستشهادية يوم 18/5/2003، فعلى الرغم من تفوقه الدراسي وحصوله على معدل 90% في الثانوية العامة، والتحاقه بكلية الهندسة في جامعة بوليتكنك فلسطين- التي أغلقت من قبل قوات الاحتلال مرات عديدة- إلا أنه اختار طريق الاستشهاد. الاستشهادي التكروري من سكان مدينة الخليل التي تعاني من الحصار والتنكيل والعزل، جراء الوجود الاستيطاني فيها الذي لا يتعدى 300-400 مستوطناً ومستوطنة داخل المدينة التي تضم حوالي 150 ألف فلسطيني، ناهيك عن العديد من الحواجز الإسرائيلية في المدينة التي تشكل عائقاً يشل حركة المواطنين. إن الصورة العامة للحياة اليومية للمواطن الفلسطيني عامة، والمواطن في مدينة الخليل خاصة قاسية ومؤلمة، نظراً لظروف القهر والعدوان للاحتلال الجاثم على صدر هذه المدينة، التي مزقتها الاتفاقيات إلى أشلاء معزولة. فبسبب اتفاقية الخليل، التي تعدّ من ملاحق اتفاقية أوسلو، قسّمت المدينة إلى منطقتين: الأولى منطقة H1 ، وتخضع إلى الجانب الفلسطيني من النواحي الأمنية والمدنية، في حين تستمر السيطرة الأمنية الإسرائيلية على المنطقة الأخرى H2 ، التي تقع البلدة القديمة والشريط المحيط بها ضمنها، في حين تكون الخدمات المدنية، ما عدا المستوطنات، خاضعة للسلطة الفلسطينية، مما أدى إلى وجود قوات التواجد الدولي المؤقت على أرض المدينة أو ما يعرف بـ ( TIPH )، وهي بعثة مراقبة دولية في المدينة، أسست في أعقاب مقتل 29 فلسطينياً من المصلين في الحرم الإبراهيمي الشريف على يد أحد المستوطنين المتطرفين يوم 25 شباط من العام 1994 (بنات، 2005). وكان الاستشهادي التكروري يجتاز كل يوم وهو في طريقه إلى جامعته حواجز الموت الإسرائيلية المقامة داخل المدينة، ويشاهد بأم عينه إذلال أبناء شعبه ومعاناتهم اليومية، كما أشارت شقيقته نفين التي أضافت: "كان باسم يحزن بشدة لمناظر الجرحى والشهداء، خاصة الأطفال منهم، وكنت أشعر بأن لديه ثورة عارمة مكبوتة".
وكان والد الاستشهادية هبة دراغمة يحلم بأن تحضر له ابنته الطالبة بالسنة الأولى بكلية الآداب/اللغة الإنجليزية في جامعة القدس المفتوحة بنابلس شهادة دكتوراه في الأدب الإنجليزي، لكن هي كانت تحلم بشهادة من نوع آخر لم يكن يعرف عنها شيئا، دفعتها إلى تنفيذ عمليه العفولة الاستشهادية يوم 19/5/2003، بعد أن رأت بأم عينها ما حل بمخيم جنين من دمار وخراب، بعد الاجتياح الإسرائيلي له، وتدميره بالكامل. واعتبرت والدة الاستشهادية أن ظلم الإسرائيليين وجرائمهم الوحشية هي التي دفعت هبة للقيام بهذه العملية، فقد أصابوا شقيقها بالرصاص في أمعائه قبل ستة أعوام، وبقي ستة أشهر في العناية المكثفة بالمستشفي، ثم نقل بعد ذلك إلى السجن ولا زال معتقلا حتى اليوم لاتهامه بالانتماء إلى حركة فتح، كما مزقوا لها كتب الثانوية العامة وأهانوها وأهانوا زميلاتها أثناء مرورهن على الحواجز العسكرية عندما كن يذهبن لأداء الامتحانات، لذلك كله حقدت عليهم كثيراً ونفذت عمليتها الاستشهادية.
وأكد الاستشهادي عبد المعطي شبانة منفذ عملية القدس يوم 11/6/2003 في وصيته التي وجهها لأبناء شعبه من قياديين وعسكريين وسياسيين، بأن رده سيكون موجعاً على ما اقترفه شارون من مجازر ضد الشعب الفلسطيني، وفي السياق ذاته قالت والدته أنه كان يتألم كثيراً عندما يرى المشاهد التي تظهر فيها المجازر الصهيونية ضد أبناء الشعب الفلسطيني، والتي كان آخرها استشهاد صديقه حمزة القواسمي، الذي كان يدرس معه في نفس المدرسة.
وبكلمات مؤثرة عبّرت الاستشهادية المحامية هنادي جرادات من محافظة جنين عن دافعها الاستشهادي في وصية جاء فيها: "بقوة الله وعزيمته قررت أن أكون الاستشهادية السادسة التي تجعل من جسدها شظايا تتفجر لتقتل الصهاينة وتدمر كل مستوطن وصهيوني، لأننا لسنا وحدنا من يجب أن يبقى ندفع الثمن ونحصد ثمن جرائمهم"، ونفذت عملية استشهادية نوعية في حيفا يوم 4/10/2003، انتقاماً من جنود الاحتلال الذين قتلوا بدم بارد شقيقها فادي وابن عمها صلاح بمدينة جنين بتاريخ 12/6/ 2003 ، كما أنها تأثرت كثيراً بالعدوان الإسرائيلي الوحشي على مخيم جنين خاصة وعلى الشعب الفلسطيني عامة.
وقبل يوم واحد من بلوغه الرابعة والعشرين كان الاستشهادي علي جعاره، يحضّر للاحتفال بتلك المناسبة بطريقته الخاصة في مدينة القدس يوم 29/1/2004، وبما يناسب ابناً لإحدى العائلات التي طردها اليهود عام 1948 من قريتهم دير أبان قضاء الخليل. فالاستشهادي علي من عائلة معروفة بتاريخها النضالي الطويل وانتمائها إلى حركة فتح، إذ دخل جميع أعمامه المعتقلات الإسرائيلية لفترات محكومية طويلة، واعتقلت عمته سارة لمدة عشر سنوات لمحاولتها طعن أحد الجنود الإسرائيليين، التي قالت: "أن علي زاد العائلة شرفاً وفخراً، فهو ابن أخ المجاهد المبعد جهاد جعاره الذي حاصرته سلطات الاحتلال مع العشرات من المناضلين في كنيسة المهد في شهر نيسان 2002، وكان يعاني من إصابة خطيرة في القدم، وقد تعفن جرحه مع الحصار ثم أبعد جهاد إلى قبرص ومن ثم إلى ألمانيا. وأضافت: "لقد تألم علي كثيراً على فراق عمه وكان يهتز من كل موقف تتأثر منه إنسانية الإنسان". ووجه الاستشهادي علي في وصيته رسالة إلى الإسرائيليين قال فيها: "إنكم لو نلتم من أجسادنا فلن تنالوا من عزائمنا"، وقال مخاطباً أبناء شعبه الفلسطيني انه قرر أن يقدم نفسه لله، فداءً للأقصى ومن أجل حرية هذا الشعب، وليقول لمن سبقه من الشهداء بأنه كان يتمنى أن يكون دمه قبل دمائهم .
يتبين من وصية الاستشهادي الجامعي سامر حماد، منفذ عملية تل أبيب يوم 17/4/2006 أن إقدامه على هذا العمل لم يكن قراراً عبثياً، لكنه جاء عن وعي ضمن خطة محكمة للمقاومة الفلسطينية، يجند فيها الأبطال، وهم مؤمنون بدورهم في إعلاء كلمة الله وراية الإسلام في مواجهة الانتهاكات التي تلحق بالفلسطينيين من قبل الاحتلال، فكتب يقول: "أقدّم نفسي رخيصة في سبيل إعلاء كلمة لا اله إلا الله ومحمد رسول الله، وإن هذه العملية رد على جرائم ومجازر الاحتلال بحق شعبنا في الضفة الغربية وقطاع غزة، وإننا نقول للعدو أن عملياتنا مستمرة، وأن الاستشهاديين قادمون، وأنهم يعشقون الموت والشهادة مثلما تعشقون الحياة".
وبعد يومين من استهداف القذائف الإسرائيلية لمجموعة من النساء والأطفال أثناء توجههم لمسجد بيت حانون مخلفةً 50 قتيلاً، استهدفت ميرفت مسعود دورية إسرائيلية في عملية استشهادية ببيت حانون بقطاع غزة يوم 6/11/2006. يذكر أن الاستشهادية ميرفت كانت طالبة في الجامعة الإسلامية، وفي وصيتها طلبت من أهلها أن يسامحوها قائلة: "أحبكم كثيراً، ولكني أحب الله وفلسطين أكثر".
وجاءت العملية الاستشهادية المزدوجة التي نفذها الاستشهاديين شادي الزغير ومحمد الحرباوي من حركة حماس يوم 4/2/2008 في ديمونا رداً على الحصار الظالم لقطاع غزة، وتضامنا مع المحاصرين هناك، وتأكيداً على قدرة المقاومة وفي طليعتها كتائب القسام على اختراق حصون العدو، والضرب في مواقع حساسة في الزمان والمكان الذي تقدره. وظهر الاستشهاديان في شريط مصور أكدا فيه أن العملية هي استمرار لدرب الجهاد والمقاومة، وانتقاما لدماء شهداء غزة، وأكدا أن المزيد من الحصار والجرائم والمجازر سيجلب المزيد من العمليات الاستشهادية.
وهكذا كانت الحكاية، حكاية الثأر للقادة العظماء والسادة الشهداء، حكاية المقاومة في وجه محتل دخيل سلب وقتل وشرد، وحكاية الاستشهادي الذي أبى إلا الصعود إلى العلياء راسما بدمه فصول الحكاية. وبالنظر إلى المعطيات السابقة ومن خلال تحليل بسيط لقصص الاستشهاديين نجد أن دوافع الاستشهاد ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية وممارساته القمعية اليومية بحق الشعب الفلسطيني الأعزل. لقد أصبح راسخاً في الذهنية الفلسطينية، وفي العقل الجمعي الفلسطيني أن الاحتلال الإسرائيلي لأرض فلسطين هو السبب المباشر في وجود المقاومة، وعلى هذا فإن استمرار الاحتلال يعني وبكل بساطة استمرار الشعب الفلسطيني في المقاومة بكل أساليبها وأشكالها، بما فيها العمليات الاستشهادية التي حققت توازن رعب مع احتلال يقتل الفلسطينيين ليلاً نهاراً، ولا يجد من يردعه أو يوقفه، فضلاً عن أن المقاومة حق مشروع كفلته كل الشرائع والمواثيق السماوية والوضعية (أبو الغزلان، 2002؛ حسين، 2003).
فلم يهرب الاستشهاديون من مشاكلهم، ولا من أزماتهم النفسية، والزوجية، والمالية، ...الخ من مشاكل إلى الموت، ولكنهم اختاروا هذا الطريق بقرار واع، حاملين آمال الشعب الفلسطيني، وقضيته العادلة نحو تحقيق الحرية والانتصار، ومن البديهي أن يسلكوا هذا الطريق في ظل وجود الاحتلال، فكانوا معنيين بتحرير فلسطين من نير الاحتلال، شأنه في ذلك، شأن أي مواطن حر في مجتمعات العالم قاطبة، من هنا كان استشهادهم الواعي، باتجاه أهدافهم السامية (عليق، 2004). وفي هذا السياق أكد الشهيد الشيخ صلاح شحادة – أحد قيادي كتائب القسام في فلسطين في حوار معه قبيل استشهاده- أن إقبال الشباب الفلسطيني على قوائم الاستشهاد دليل على صحة المجتمع ووعيه، وليس خطأً أو هروباً من حالة اليأس، وأضاف: "أن الأفراد الذين يُقبلون على الاستشهاد كثيرون، ولديهم الاستعداد لتقديم أرواحهم وهو أغلى ما يمتلكه الإنسان، ومع هذا لا نستطيع أن نوفر لكل شاب عملية؛ لكون الأهداف محددة والأماكن الإسرائيلية محصنة جداً" (إسلام أون لاين، 2002).
فهؤلاء الاستشهاديون، إن شئنا أن نقف على حقيقة حياتهم من خلال قصصهم، لوجدنا أنهم عاشوا حياة عادية، طبيعية في وسطهم الاجتماعي، بين أهلهم وأفراد مجتمعهم، كانوا أفراداً يساهمون كما غيرهم في بناء وتنمية المجتمع الفلسطيني، والدفاع عنه، ويدرسون في مدارسه وجامعاته، ويرتادون مساجده، إنهم عاشوا قضيتهم، واعتبروا أن الله والوطن يستحقان هذا الفعل الاستشهادي، كما عبر عنه الاستشهادي سليمان طحاينة منفذ عملية القدس يوم 5/11/1998، الذي قال لزوجته قبل يوم واحد من استشهاده: "أولادي ليسوا أعز عليّ من الله والوطن".
فالعنف الإسرائيلي ضد الفلسطينيين لا يولد إلا عنفاً، ويشكل حافزاً أكبر للانتقام. وفي هذا السياق كتب الاستشهادي جمال ناصر منفذ العملية الاستشهادية على مفرق مستوطنة شافي شمرون في الضفة الغربية يوم 29/4/2001 كلمات مؤثرة تدل على فظاعة العنف الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، إذ قال: "من منا لا يغضب ولا يعتريه شعور الانتقام عند سيره في جنازات الشهداء، خاصة جنازات نابلس الجماعية، من منا لا يغضب ويحب الانتقام عند مشاهدة أمهات الشهداء وزوجاتهم وأبنائهم على التلفاز، ومن منا لا يشعر مع أصحاب البيوت التي هدمت أخيرا في خانيونس ورفح ومتاجر الخليل، ومن منا لا يغضب عند قتل الأطفال وقطع الأشجار وقصف المدن، ومن، ومن، ومن، والله إن اليهود قطعوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد". أما الاستشهادي ماهر حبيشه منفذ عملية حيفا يوم 2/12/2001 فقال في وصية له في السياق نفسه: "وددت لو أن لي أرواحاً كثيرة لكي انتقم المرة تلو المرة وأرد على مجازر كثيرة وإهانات كثيرة للمسجد الأقصى وللحرم الإبراهيمي وللشعب الفلسطيني".
ــــــــــــــــ
* بسام بنات: دكتوراه علم اجتماع (مناهج وإحصاء في العلوم الاجتماعية)، دائرة العلوم الاجتماعية، كلية الآداب، جامعة القدس ــــــــــــــــــقائمة المراجع أبو الغزلان، هيثم (16/5/2003). لماذا يختارون الاستشهاد؟ صحيفة الحقائق، يومية بريطانية. إسلام أون لاين (29/5/2002). صلاح شحادة قائد القساميين يتكلم. http://www.islamonline.net/arabic/politics/2002/05/article25.shtml بنات، بسام (2005). ظاهرة الاغتراب لدى طلبة الثانوية العامة في مدينة الخليل وعلاقتها ببعض المتغيرات. مجلة جامعة بيت لحم، العدد 24، 90-132. بنات، بسام (2010). الاستشهاديون الفلسطينيون: حقائق وأرقام. أطروحة دكتوراه، جامعة غرناطة، اسبانيا. حسين، غازي (2003). الإرهاب الإسرائيلي وشرعية المقاومة والعمليات الاستشهادية. دمشق: مطبعة الزرعي. عليق، ناصر (2004). فلسفة الاستشهاد: الله والوطن في خطاب المقاومة الإسلامية. بيروت: دار المواسم. وصية الاستشهادي أكرم النبتيتي (2002). وصية الاستشهادي جمال ناصر (2001). وصية الاستشهادي سامر حماد (2006). وصية الاستشهادي سعيد الحوتري (2001). وصية الاستشهادي سليمان طحاينة (1998). وصية الاستشهادي شادي الزغير (2008). وصية الاستشهادي صلاح شاكر (1995). وصية الاستشهادي عبد المعطي شبانة (2003). وصية الاستشهادي علي جعاره (2004). وصية الاستشهادي ماهر حبيشه (2001). وصية الاستشهادي محمد حبيشي (2001). وصية الاستشهادي محمد الحرباوي (2008). وصية الاستشهادي محمد الغول (2002). وصية الاستشهادي محمود مرمش (2001). وصية الاستشهادي هاشم النجار (2000). وصية الاستشهادية آيات الأخرس (2002). وصية الاستشهادية دارين أبو عيشة (2002). وصية الاستشهادية عندليب طقاطقة (2002). وصية الاستشهادية ميرفت مسعود (2006). وصية الاستشهادية هنادي جرادات (2003). التوقیع/ عاشقة فلسطین