مقومات الرجولةإن الرجولة ، نعت كريم لايستحفه الإنسان حتى يستكمل مقوماته و تصف بمواصفاته ، و من هذه المقومات : الإرادة و ضبط النفسعلو الهمة
و هي علامة الفحولة و الرجولة ، و هي أن يستصغر المرء ما دون النهاية من معالي الأمور ، و يعمل على الوصول إلى الكمال
الممكن في العلم و العمل ، وقد قالوا قديماً : " الهمة نصف المروءة " ، و قالوا : "إن الهمة مقدمة الأشياء ، فمن صلحت له همته و
صدق فيها صلح له ما وراء ذلك من الأعمال ".
أما غير الرجال فهممهم سافلة لاتنهض بهم إلى مفخرة ، و من سفلت همته بقي في حضيض طبعه محبوساً ، و بقي قلبه عن الكمال
مصدودًا منكوساً ، اللهو عندهم أمنية و حياة يعيشون من أجلها . إنها صورة مخزية من صور دنو الهمة ، و أشد منها خزياً ، أن تعنى
الأمم باللهو و تنفق عليه الملايين ، و أن تشغل أبناءها به. إن رسالة الأمة أسمى من العبث و اللهو ؛ فهي حاملة الهداية و الخير
للبشرية أجمع ، فكيف يكون اللهو و اللعب هو ميدان افتخارها ، و هي تنحر و تذبح ، و تهان كرامتها و تمرغ بالتراب .
النخوة و العزة و الإباءفالرجال هم أهل الشجاعة و النخوة و الإباء ، و هم الذين تتسامى نفوسهم عن الذل و الهوان. و الراضي بالدون دني . و قد كان للعرب
الأوائل اعتناء بالشجاعة و النخوة ، و كانت من مفاخرهم و أمجادهم . جاء في بلوغ الأرب : " و العرب لم تزل رماحهم متشابكة و
أعمارهم في الحروب متهالكة ، و سيوفهم متقارعة ، قد رغبوا عن الحياة ، و طيب اللذات ... ، و كانوا يتمادحون بالموت ، و يتهاجون
به على الفراش و يقولون فيه : مات فلان حتف أنفه " ، حتى فجاء الإسلام فربى أبناءه على الشجاعة و العزة و الحمية ، و هذب
معانيها في نفوس أتباعه و ضبطها ، فلم تعد عند أتباعه مجرد ميدان للفخر و الخيلاء ، بل هي ميدان لنصر للدين و الذب عن حياضه. و
جعل الجبن و الهوان من شر ما ينقص الرجال ، كما قال صلى الله عليه و سلم : " شر ما في رجل شح هالع و جبن خالع " رواه أبو
داود . و أخرج الشيخان و اللفظ لمسلم عن أنس - رضي الله عنه- قال : " كان رسول الله -صلى الله عليه و اله و سلم - أحسن
الناس ، وك ان أجود الناس ، و كان أشجع الناس... "
الوفاء:و الوفاء من شيم الرجال ، التي يمدحون بها ، كيف لا وقد كان أهل الشرك يفتخرون به قبل أن يستضيئوا بنور الإسلام ، يقول أحدهم :( و خير نموذج للوفاء لدى أهل الجاهلية ما فعله عبد الله بن جُدعان في حرب الفِجَار ، التي دارت بين كنانة و هوازن ، إذ جاء حرب بن أمية إليه ، و قال له : احتبس قبلك سلاح هوازن ، فقال له عبد الله : أبالغدر تأمرني يا حرب ؟! ، و الله لو أعلم أنه لايبقي منها إلا سيف إلا ضُربت به ، و لارمح إلا طُعنت به ما أمسكت منها شيئاً ) .و حين جاء النبي صلى الله عليهو اله و سلم أنسى بخلقه و وفائه مكارم أهل الجاهلية . و من أمثلة وفائه موقفه يوم الهجرة ، و إبقاء على (رضی الله عنه ) عنه لرد الأمانات إلى أهلها. و حين تخلت الأمة عن أخلاق الرجال ، و ساد فيها التهارج هوت ، و انهارت قواها حتى رثاها أعداؤها.و هناك مقومات أخرى كثيرة كالجود و سخاوة النفس و الإنصاف و التواضع في غير مذلة ، وغيرها من كل خلق كريم و كل سجيةحسنة ، كلما اكتملت في إنسان اكتمل باكتمالها رجولته. و هذا الكلام فأين العاملون؟لقد كانت الرجولة إرثاً يتوارثه الناس ، لاتعدو أن تكون بحاجة إلا إلى مجرد التهذيب و التوجيه ، أما اليوم فقد أفسدت المدنية الناس ، و قضت على معالم الرجولة في حياتهم ، فنشكو إلى الله زماناً صرنا فيه بحاجة إلى التذكير بالشيم و المكارم و أخلاق الرجال.التوقیع/ریحانة القدس