ریحانة القدس
عدد المساهمات : 69 تاريخ التسجيل : 29/06/2010 الموقع : انا لله وانا الیه راجعون
| موضوع: الأسير مجدي العجولي واثنان وعشرون عاماً من الانتظار الإثنين 27 سبتمبر 2010, 10:14 pm | |
|
بسم الله الرحمن الرحیم
صور البطولة والفداء في فلسطين كثيرة وعديدة لا حد لها ولا عدد ، تحتاج فقط إلى من يعرفها ويكتب عنها ويوصلها لجيل النصر الذي أكتب له ... ذلك الجيل الذي أقول عنه أنه سيتربى على سير الرجال وقصص البطولة . ولهذا الجيل الذي عليه أن يستلهم من قصص وصبر وبطولات أسرانا أكتب عن فارس من فرسان هذا ... الوطن وقد تعود من يتابع ما أكتب أني أكرر قولي أنه فارس مميز وأنه معدن نفيس وأن بطولاته من أروع البطولات ... وهو الحقيقة بعينها فرجالات فلسطين هذا سمتهم وهذه صفاتهم فكيف لا يكون مجدي العجولي فارساً لم تعرف الميادين رجلاً بشجاعته ... تحن له فيافي قفين وطولكرم وكل ربوع فلسطين كيف لا وهو الذي أمضى أكثر من عقدين في سجون الاحتلال . في قصة الأسير مجدي العجولي الكثير من الأحداث والأمور الدرامية ... فالأسير ومجموعته المكونة من اثنين من أبناء بلدته هم أقدم أسرى لحركة المقاومة الإسلامية حماس في الضفة الغربية وهم أول أسرى لحركة حماس يتم الحكم عليهم بالحكم المؤبد مدى الحياة بمعنى أن الأسير من أصحاب السبق ونسأل الله أن يكون من أهل الصدق أيضاً . جلست في منزل مجدي العجولي واستمعت لقصته من زوجته الصابرة وكنت أستمع لها وكأني أستمع قصة من قصص الصحابة والتابعين وأولئك الذين خلد التاريخ ذكرهم وسألت نفسي مرات ومرات وهي تتحدث وتبتسم عن دور الإعلام لمَ لم يتحدث عن هذا الرجل ولماذا حماس لم تعلِ شأنهم ولم تخلد قصصهم فهم رجالاتها الأوائل وفرسانها الشجعان . قالت لي أم حماس عن زوجها كلاماً جميلاً ... فهي الزوجة التي حفظت غيبة زوجها ... قالت ما زلت أذكر معالم وجهه بالرغم من أننا لم نمكث مع بعضنا البعض سوى ثلاث سنوات أنجبت ابنتي الكبرى والتي أسماها حماس تيمناً بالحركة التي انتمى لها مجدي وحملت بالحمل الثاني وأنجبت الابنة الثانية وكان حينها والدها بالأسر وقد حكم عليه بمدى الحياة . مرت الأيام صعبة قاسية على الزوجة والأم التي ترك لها زوجها أمانتين ... وتركها هي أيضاً للزمان والأيام ... فحفظت غيبة زوجها وأحسنت تربية بناتها واهتمت بشأن ام زوجها الأم الكبيرة بالسن إلى أن توفاها الله قهراً وكمداً على فراق شقيق روحها وفلذة كبدها مجدي الذي تأثر كثيراً لوفاة والدته . كبرت البنتان وقد أحسنت الأم تربيتهما التي لم تترك سجناً من سجون الاحتلال إلا زارت زوجها به ... كانت تحمل على كتفيها صغيرتيها وبعض الحاجيات للزوج الأسير وتمضي مع الفجر ... تارة إلى سجن عسقلان وأخرى لسجن نفحة ومن ثم سجن السبع إلى شطة ومن ثمّ الرملة مروراً بتلموند فهداريم وصولاً إلى الدامون وجلبوع تحدث طفلتيها عن أبيهما وعن بطولاته وشجاعته تقول لهما وللجيل الذي أكتب له جيل النصر ... إن الشيخ مجدي رجل شجاع يشهد له كل أهالي قريته بالصلاح والفلاح وقد عمل بإصلاح ذات البين بين أهالي القرية وقد اعتلى منابر مسجد بلدته وأمّ في الناس وخطب ووعظ . تواصل الأم حديثها لطفلتيها وتقول : اضطر والدكم لترك دراسته الجامعية بعد وفاة والده وانخرط في سلك العمل ليعيل إخوانه وشقيقاته الثمانية ووالدته وخاض غمار الحياة من أجل ان يوفر حياة كريمة لأسرته ناسياً ذاته ونفسه مكرساً جلّ وقته للآخرين ... وتمضى الأيام وتندلع الانتفاضة الأولى فكان والدكم من أول فرسانها ومن قادتها فاعتقل مع بداية العام 1988 وأمضى في السجن ثلاثة شهور خرج من هذا الاعتقال أقوى عوداً وأمضى شكيمة فتم اعتقاله الاعتقال الثاني قبل 22 عاماً وبالتحديد في 16/10/1989 وحكم بمدى الحياة بعد أن تعرض لتحقيق قاسٍ ولفترة طويلة . مرت الأيام على عائلة مجدي العجولي صعبة قاسية طويلة كبرت حماس وتقدم لها من يخطبها وعقد القران في ظل غياب الوالد بقيت صورته على جدار المنزل ... حدد موعد العرس الذي لم يتخلف عنه من أهالي البلدة إلا الوالد ... الكل قدم لكي يسد مكانه ولكي يشعر الفتاة وعائلتها أنهم مكان أبيها ولكن عبثاً أن يسد أحد كائناً من كان مكان أبيها ... فسالت من عيونها دمعات حرّى أحرقت قلب أمها التي لم تستطع أن تطلق زغرودة فرح بزفاف ابنتها وكلما همّت بذلك سبقت الدموع الزغرودة وسيطر البكاء على الموقف ... حاولت العمة والخالة والجيران الجميع حاول أن يغير الجو أن يزغرد أن يغني ولكن مجدي الأسير وصورته المعلقة فوق رأس ابنته المصمودة حاضرة مسيطرة على الموقف فغنت الحاجة الكبيرة (من نحاس باب الأقصى من نحاس وما يفح باب الأقصى إلا أبو حماس ) فزغردت النسوة وانتشت أم حماس وذهبت حماس لبيت زوجها . وصلت الأخبار إلى الزوج وحاول مع من حوله من الأسرى أن يعيش ساعات الفرح ومر شريط العمر على الأسير كيف كانت طفلة وكيف كبرت وكيف مرت الأيام وتخيل أحفاده ... وهو ما كان فقد رزقت ابنته حماس بابنها البكر الذي اختارت له اسم أبيها تضعه نيشان عز على صدر ابنها وذهب مجدي الصغير يزور جده الأسير ... نظر في عينيه ... تفقد جسده ... طلب منهم أن يحتضنه رفض الجند والعسكر ... طلب أن يسمع صوته الولد يغط في نوم عميق من طول الطريق وشدة السفر أيقظوه نظر لجده ... ابتسم له الجد من خلف القضبان قال له (سيدو) تحركت كل جوارحه هزت كل ضلوعه أخذ نفساً عميقاً قال : من خلف ما مات ... نادى الأسرى من حوله صرخ على عامر أبو سرحان وعلى المرداوي وعلى أبو طير وعلى نائل البرغوثي ... هذا حفيدي يسلم علي ويريد أن يقبل يدي هرع الأسرى التفوا حوله صرخوا كبّروا ومجدي الصغير ينظر باستعجاب غير قادر على تفسير الموقف لا يعلم أنه يقف بين يدي عمالقة الجهاد والفداء ... من غيبتهم السجون ... من نسيهم رفاق الدرب . هذه قصة بطل من أبطالنا وفارس من فرساننا أضعها بين أيادي طيبة كريمة سالت من عيونها دمعات وهي تقرأ ما تكتب ... عليه وعلى مثلها نريد للجيل القادم ان يتربى . وإلى أن نلقاك حراً عزيزاً يا أبا حماس تفضل بقبول كلماتي بحب واعتزاز وافتخار وإني لأفخر أني تشرفت بالكتابة عن امثالك يا سيدنا وأخانا وحبيبنا .
بقلم فؤاد الخفش كاتب وباحث مختص في شؤون الأسرى الفلسطينيين
التوقیع/ ریحانة القدس
| |
|